علي حسن الفواز
خطورة الحرب الروسيَّة الأوكرانيَّة تكمن في خلوِّها من الأغطية، وتورط الغرب في استمرارها، وفي إصرار روسيا على السعي لتحقيق أهدافها العسكرية وفرض الوقائع على الأرض، وهذا ما يجعلها أقرب إلى "حرب عالمية مُصغّرة" في رعبها، وفي تأثيرها في سياسات واقتصادات العالم.
دخول الصين على خط المبادرات يفتح أفقاً لفكّ التباسات هذه الحرب، ولإيجاد أغطية دبلوماسية، وللبحث عن حلول عقلانية لها، تراعي المصالح، وتمنع الغرب من أن يجعلها حربه الإيديولوجية والهوياتية، فهذه المبادرة تنطلق من حاجة الصين إلى حماية مصالحها أولاً، ومن رغبتها في نزع الاتهام عنها بوصفها مصدر قلقٍ للغرب، وأنها تعمل على توريد الأسلحة لروسيا ثانياً، وهذا بطبيعة الحال سيجعل من وساطتها أمام شكوك وارتيابات كثيرة، لكنها تبقى وساطة واقعية، وأنَّ الغرب قد يحتاجها لإنقاذ ما تبقى من الخراب الأوكراني.
تضمنت المبادرة عدداً من الفقرات، حملت معها دعوات لإيقاف الصراع الدامي، وتسوية الأزمة الأوكرانية، من منطلق احترام القانون الدولي وسيادة الدول، ومعارضة أيِّ استخدام للسلاح النووي، وفتح الباب للحوارات بين البلدين، لكنَّ هذه المبادرة ستظل تراوح في مكانها، بسبب حساسية الولايات المتحدة والغرب إزاء النوايا الصينية، ورغبة موسكو بمراجعتها، رغم أنَّ الصين لديها علاقات ستراتيجية مع روسيا.
هذه المبادرة دفعت الرئيس الأوكراني زيلينكسي للتصريح برغبته بلقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ، لكنها دفعت دول حلف الناتو للتشكيك بها، ودعوة الصينيين لـ" الذهاب إلى كييف" كما صرّح بذلك بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، ورغم أنها تزامنت مع حزمة عقوبات جديدة فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على روسيا، شملت قطاعات الصناعة والمعادن والمعدات العسكرية وغيرها، إلّا أنَّ هذه المبادرة ستبقى جزءاً من الجهود الدولية التي تخشى تمدد أخطار هذه الحرب إلى مناطق أخرى، وبما يُزيد من مساحات التهديد الجيوسياسي، وتفاقم أزمات الطاقة والغذاء والتضخم في العالم.