رزاق عداي
اذا تأملنا وثيقة الستراتيجية الأميركية للامن القومي مع مجيء الحزب الديمقراطي بفوز الرئيس الأميركي (جو بايدن) بعد انتخابات 2020، ان البوصلة لها كانت منسجمة مع توجهات الرئيس الأميركي الأسبق الديمقراطي (أوباما)، فقد كانت قد غادرت منطقة الشرق الاوسط إلى حد كبير، والعراق خصوصاً مع أن جل المتغيرات التي طرأت على أحوال الاخير (متمثلة بإسقاط النظام السابق) هي بفعل سترايجيات أميركية سابقة، فاصبحت المواجهة مع الصين هي من أولويات السياسة الأميركية، لكن المتغير الضخم الذي اندلع لاحقاً متمثلا في تطورات الأزمة الروسيَّة الأوكرانية، من خلال التحشيد العسكري الروسي الكبير أولاً على الحدود الروسية الأوكرانية، ومن ثم الاجتياح الروسي للأقاليم الشرقية الأوكرانية أجبر أميركا على اجراء تعديل في بنود الستراتيجية نحو هذا الانشغال الجديد باتجاه حيثيات هذه الحرب ساعة بساعة، باعتبار أن ادارة الرئيس (بايدن) لم تكن مجرد مراقب لهذه الخرب فحسب، انما تعتبرها حرباً تمس الامن القومي الأميركي، لقد ولّدت هذه الحرب تداعيات عالمية جمة على كل العالم، بما في ذلك بلدان الشرق الاوسط والعراق تحديداً، فما يخص الأخير يمكن تلخيص الانعكاسات بجانبيها الايجابي والسلبي، فقد حصل نمو في الايرادات المالية العراقية بنسبة نحو 200 % قياسا مع العام الذي سبق اندلاع الحرب، ولكن سلبا سيزداد نزيف العملة الاجنبية من العراق (الدولار تحديدا)، نتيجة لزيادة أسعار السلع المستوردة وخصوصا الحبوب، باعتبار أن الاقتصاد العراقي يعتمد على الاستيراد فقط مع غيات الانتاج المحلي لكل صنوف السلع، وعموما فإن اتجاه الازمة الروسية - الأوكرانية التي فاق مداها الزمني كل التوقعات وهي آخذة بالتوسع والتصاعد والتعقيد لدرجة باتت تهدد نسق النظام العالمي الحالي، بدأت الدول تتحسس أزمة اقتصادية عالمية جديدة، وهنا يتبادر إلى الذهن لكل متخصص بالشأن العراقي تساؤلات عدة، أبرزها ما المدى المستقبلي لانعكاس الحرب الروسية الاوكرانية على الاقتصاد العراقي؟
أحد معالم هذا الانعكاس هو تحول بوصلة الاهتمام الأميركي في السياسة الأميركية نحو العراق من جديد، وبات الملف العراقي حاضراً بقوة في أروقة السياسة الأميركية، من خلال الدبلماسية فوق العادة التي نشطت مؤخرا وبات التأثير مباشراً، وذلك عبر زاوية ذات تأثير مهم وخطير يتعلق بالسياسة النقدية العراقية بغية الحؤول دون وصول عملة الدولار الأميركي إلى الاقتصاد الروسي، تعزيزاً للعقوبات التي فرضتها أميركا على روسيا، والعمل عل التقليل من مغادرة الدولار الأميركي الساحة الاقتصادية العراقية، من خلال استخدام سياسية مالية صارمة بهذا الصدد خلال الزمن العاجل، وعلى المدى الطويل المباشرة في تطوير بعض المرافق الحيوية ذات التأثير العضوي على الاقتصاد العراقي في مجالي الكهرباء والغاز اللذين كانا بحيازة اجندات خارجية اقليمية منذ عام 2003