حمزة مصطفى
حين أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على العام الحالي (2023) عام المشاريع لم يترك الأمر عائما، بل أردفه بمجموعة من الإجراءات تمثل الحزمة الأولى من فك الإختناقات في العاصمة بغداد.
شخصيا أقدر هواجس الناس بشأن إمكانية عدم تنفيذ مثل هذا المشروع الطموح، استنادا إلى تجارب سابقة ووعود سابقة.
وليس بقطار بغداد المعلق عنا ببعيد على سبيل المثال لا الحصر.
فهذا القطار ابيضت عيون أهالي بغداد من الحزن ولم تر ولا «فاركو» واحد منه.
بقي وعدا معلقا شأنه شأن وعود كثيرة أخرى طوال العشرين عاما الماضية.
هل أستطيع الآن أدافع عن المشروع الجديد المتمثل بفك «اختناقات بغداد»؟
نعم أستطيع الدفاع عن إمكانية ومقبولية تنفيذ هذا المشروع لعدة أسباب.
أول هذه الأسباب أن السوداني الذي جاء إلى مركزه الحالي، بعد أن تولى سلسلة مناصب تنفيذية طوال العقدين الماضيين جعلته يعرف مفهوم الخدمة العامة وكيفية انعكاسها على الناس، حين ترتبط بآلية قابلة للتطبيق مع سلسلة إجراءات سليمة قدر الإماكن.
كما أن السوداني وتبعا لذلك «يعرف «بير» الدولة و»غطاه»، لذلك لا يمكنه وهو الآن على قمة الهرم التنفيذي في الدولة أن يخطئ التقدير الذي يمكن أن يكلفه الكثير.
ثاني هذه الأسباب أن السوداني هو الوحيد من بين من تسلموا هذا المنصب الرفيع، بل الأرفع في الدولة العراقية الحالية بعد التغيير الذي جرى على يد الأميركان عام 2003 من أبناء الداخل.
وحين أقول ذلك ليس بهدف التفريق السلبي بين من كانوا معارضين معلنين، كونهم في الخارج وبين من يصنف على أنه من بين أكثر من تعرض للظلم على يد النظام السابق، ومنهم السوداني حيث تمَّ إعدام أبيه وهو في عمر العاشرة من العمر، بل بهدف تبيان أن ابن الداخل الذي وصل اليه «السرة» بعد عشرين عاما يريد النجاح مرتين.
مرة كونه ابن الداخل وهذا جزء من الرهان الاجتماعي بشأن إمكانية نجاح أبناء الداخل في تسلم كبرى المسؤوليات بالقياس إلى أبناء الخارج، ومرة لأن تجربة العشرين عاما الماضية التي تسلم فيها أبناء الخارج هذه المسؤولية، لم تكن ناجحة في جوانب أساسية من محطاتها، لا سيما في ميدان الخدمات والبنى التحتية.
لا أريد سوق أمثلة وهي كثيرة وأسبابها هي الأخرى كثيرة، بل أكتفي بمثال واحد فقط وهو اختناقات بغداد.
فبغداد لم تختنق قبل أربعة شهور، بل هي مختنقة وتصيح «الداد» منذ ما لا يقل عن 15 عاما عندما بدأ سيل السيارات يتدفق بلا حسيب ولا رقيب، مع بقاء الطرق والشوارع والجزرات والجسور والمجسرات على حالها.
ربما ثمة من يعترض قائلا «إشدعوة أشو سويت الشط مرق والزور خواشيج» بينما القرار أتخذ قبل يومين فقط؟ اعتراض وجيه من حيث المبدأ نظرا للتجارب السابقة، لكن سوء الظن ليس دائما من حسن الفطن، كما أن ليس كل بعض الظن إثما.
القرار الذي تم اتخاذه بفك اختناقات بغداد آلياته واضحة، وشركاته تم الاتفاق معها، والأموال مرصودة وطبقا لما حدثني به وزير الإعمار والإسكان الأستاذ بنكين ريكاني أن التنفيذ سيبدأ منتصف الشهر القادم.
هذا لا يعني أننا بعد يومين من بدء التنفيذ «راح نشوف» بغداد صارت «زرق ورق» مثل دبي، بل سوف نشاهد بالتأكيد ورشة عمل حقيقية وجادة وربما في بضعة شهور يكون لنا حديث آخر.. أكثر
إيجابية.