حسين الذكر
مع أن الزلازل تعد ظاهرة بيئية طبيعية قديمة قدم الانسان، برغم شحة الأخبار الواردة عنها في عصور خلت.. إلا أن الأحداث والفواجع الزلزالية المدونة تاريخيا، لا سيما الحديث منها تعد مؤثرة جدا في حياة الانسان، لما تتركه من تداعيات روحية ومادية وفكرية.. حتى أنها في كثير من الأحيان تشكل حدا فاصلا بين زمنين أو تاريخين يشار له من هول الدمار والآثار والمخلفات التي يتركها على المواطنين أفرادا ومجتمعا وجهازا حكوميا، فضلا عن الفكر النخبوي، في آخر محطة تاريخية قريبة ضرب الزلزال تركيا وسوريا بشكل مؤثر وبخسائر مباشرة مهولة، فضلا عن تحسس قوتها والشعور والتأثر بها من الناحية المعنوية والنفسية في بلدان شرق أوسطية قريبة من موقع الحدث.
الكثير من الاخباريين والمدونين، فضلا عن المفكرين لفت انتباههم التصريح المزعوم إلى عالم هولندي تنبأ بالزلزال قبل يومين أو ثلاثة، ثم اختفى الخبر المنشور عنه.. وقد ربط البعض الزلازل بفعل فاعل جراء المساحة الشاسعة، التي أثر وتحرك بها والدمار الذي خلفه.. مع تأكيد شهود عيان بأن الهزات الارتدادية المرافقة واللاحقة كانت شديدة وغريبة جدا عما هو سائد... إذ غطى السماء طيف ازرق مخيف مع أصوات رعدية مهولة بما لم يسمع من قبل... فضلا عن طوال مدة تلك الاهتزازات التي استمرت لأيام.. ظلت فيها الناس تخشاها مفضلة النوم والاحتراز في الشوارع.
صحيح أن عالم العسكرة والحروب والسياسة، قد تطور بالأساليب والتوظيف للاحداث الإنسانية والاجتماعية... لما يخدم سياساته إلا أن الاحتمالات تبقى قائمة والأبواب مفتوحة، لتداول ودراسة الأفكار المحددة بهذا الاتجاه ومدى قدرة الانسان ومؤسساته للتاثير والتحكم بها.
في الوقت ذاته يجب ألا يأخذ الامر بالاتجاه السلبي على أن يفتح افاق للعلم بالتدخل الإيجابي والحد من حدوث الزلازل وتاثيراتها الكارثية، ومحاولة التنبيه المسبق واتخاذ جملة من الإجراءات الاحترازية على صعد مختلفة.. وهنا تكمن أهمية علم الزلازل وامتلاك قدرة التنبؤ بها واكتشافها قبل الحدوث.. واذا ما تحقق ذلك ولو بنسب معينة سيؤدي حتما إلى خدمة كبرى وجليلة للإنسانية.. ليس على صعيد التنبيه والاستعداد فحسب، بل لفتح مجال علمي كبير لحسم ملف صراع الانسان مع البيئة ومجاهيلها وما تحويه من مخاطر، أغلبها ما زالت خفية برغم التطورات التقنيَّة والاتصالية التي بلغها العقل الإنساني.