عبد الحليم الرهيمي
أرجو ان يصل هذا المقال أمام أنظار القارئ الكريم، وقد اتخذ البرلمان قراراً بعدم تمرير قانون سانت ليغو سيئ الصيت. أما إذا أصر المتحمسون له من مسؤولي {الكتل الكبيرة}لأهدافهم الخاصة والحزبية، فإن عليهم ان يواجهوا أحد الاحتمالات المرة بتمريره، وذلك بفتح ابواب جهنم عليهم خاصة، وعلى الذين يتمادون بالتلاعب بمصير العراق وشعبه. وبالطبع، فإن ما يدعو لقول ذلك أسباب عديدة يعرفها المتحمسون لهذا القانون قبل غيرهم، بل ويعرفون حتى ما يترتب على ذلك من نتائج واوضاع سلبية.
- أما أول هذه الاسباب فهو معارضة هذا القانون القوية من النواب المستقلين داخل البرلمان، والذين لا تتجلى أهميتهم بقلة عددهم، بل بما يمثلون من أهمية للرأي العام والاعلام وسائر القوى الوطنية اضافة، لما يعبرون عن رأي وضمير الشعب العراقي، الذي يتطلع لبرلمان حقيقي غير مؤدلج وخادم، أساساً، لطبقة سياسية فاسدة وفاشلة وثبت عجزها في بناء وتقدم العراق وشعبه طيلة نحو عقدين.
- وثاني هذه الاسباب، والذي يبنى على السبب الاول، فهو أن الغاء قانون الدورة الانتخابية السابقة، الذي ساهم بفوز وتصعيد شخصيات وطنية مستقلة من خارج سرب جماعات (الكتل الكبيرة)، الذي اعطى بوجودهم (نكهة) للبرلمان امام العراقيين والعالم بوجود معارضة حقيقية في البرلمان، بينما سيؤدي الغاء هذا القانون وتمرير قانون سانت ليغو، إلى أقصائهم ويمنع من صعود أي نواب جدد يتسمون بالوطنية والاستقلالية في أي انتخابات تالية.
- أما السبب الثالث فهو الاهم والأخطر بما سينجم ويترتب عليه من نتائج وأخطار.
ذلك أن تمرير سانت ليغو سوف لن يعني فقط عدم الاستجابة لرأي ورغبة التيار الصدري المهم والمؤثر في رفض هذا القانون، أنما أيضاً سيمثل في الوقت نفسه، وأساساً، استفزازاً قوياً لهذا التيار وزعيمه الذي حاصرته الكتل المناوئة له بعدم السماح له بتشكيل (حكومة الاغلبية الوطنية)، منذ الاعلان عن انتخابات الدورة الانتخابية الاخيرة، وحتى دفعه لأتخاذ قراره المفاجئ والخطر بسحب نواب التيار البالغ عددهم 73 نائباً من البرلمان، واعلان السيد مقتدى نفسه (اعتزال) العمل السياسي، الذي تجلى بعدم التواجد في البرلمان والمشاركة بالحكومة – اذا ما شكلت آنذاك – وعدم اللقاء والحوار مع أي جهة سياسية، فضل الحظر على نفسه وانصاره بعدم التحدث بالشؤون السياسية.
واذ فسر المحللون السذج وبعض السياسيين أن ذلك يعني تخلي التيار وزعيمه نهائياً من المشاركة في العمل السياسي، غير أن القوى المناوئة له والمختلفة معه ظلت تعبر بشكل وبآخر عن خشيتها من (التنين) الصدري الصامت.
اما السيد الصدر نفسه وتياره، فقد اعتبر المواقف التي اتخذها هي جزءا من العمل السياسي الضاغط على مناوئه، وأن الظروف آنذاك التي لم تسمح له بتشكيل حكومة الاغلبية الوطنية، يمكن أن تتشكل بعد اجراء انتخابات مبكرة جديدة يراهن على أن يحصد فيها أعلى الاصوات التي تشكل الكتلة الأكثر عدداً، دون اعتراضات واجتهادات تعطلها، وذلك فضلاً عن المراهنة على بقاء قانون الانتخابات للدورة السابقة ورفض بدعة العودة لقانون سانت ليغو التي ابتدعتها الكتل السياسية المناوئة.
إن قوة هذا الرهان للصدر يتجلى باصراه على لجراء انتخابات مبكرة جديدة، التي اكد عليها لاحقاً السيد السوداني في برنامج حكومته، وعدم العودة لبدعة سانت ليغو، هو الرهان السياسي المنطقي والسلمي لعودة الصدر وتياره للعملية السياسية لحصد أغلبية برلمانية وتشكيل حكومة (الاغلبية الوطنية)، وهو الرهان أو الموقف الذي بدأت تراهن عليه أيضاً وتتعاطف معه العديد من قوى التيار التنسيقي، الذي يشهد تشظياً يمنعه من الوقوف بوجه التيار وزعيمه باللجوء المستميت إلى الغاء الانتخابات المبكرة وتمرير قانون سانت ليغو في البرلمان، لأن هذا يعني نسفاً مدمراً وخطراً لرهان التيار الصدري وزعيمه على المرحلة المقبلة، وأن إصرار بعض قوى الاطار التنسيقي على ذلك يعني الدخول بمواجهة يعتقد كثيرون أنها ستفتح أبواب جهنم على بعض جماعات التنسيقي ومؤيدهم وانعكاس آثار ذلك على مجمل الأوضاع السياسية والأمنية، وهو ما لا يتمناه أي عراقي مخلص.