حسين رشيد
منذ سنين ومؤسسات الدولة والحكومات المتعاقبة ترفع شعار (تمكين المرأة) اجتماعيا واقتصاديا وإعلاميا وسياسيا، تعقد الندوات، وجلسات الاحتفاءات والتكريم، وتنظم المؤتمرات، التي غالبا ما تخرج بقائمة توصيات طويلة وعريضة، لكنها سرعان ما تحبس في الادراج اذا لم ترم في الارشيف. يأتي عيدهن في الثامن الاذار، وهن لسن في حال افضل من عامهن الماضي، إن لم يك أسوأ الذي يختلف صياغة التهاني الحكومية وترميم الوعود بالتمكين وتجاهل المساواة بين الجنسين، فاذا تمت المساواة من ناحية الحقوق والوجبات، فلا حاجة لما يسمى (تمكين المراة).
لو توفرت احصائية حكومية عن عدد المناصب الوظيفية القيادية في مؤسسات الدولة، وكم امرأة تشغل منصب وكيل وزير، عضو مجلس امناء أو مفوضين في الهيئات المستقلة، درجة مدير عام، مدير دائرة، مدير قسم، مدير شعبة، فما سنتلمسه أن النسبة تقل كلما تدرجت بالصعود إلى المناصب العليا والقيادية، بل حتى المناصب الأدنى من درجة مدير عام، تجد بعض النساء ممن يشغلن المنصب دون حول ولا قوة، ولاسباب عدة بعضها معروف ومعلوم وآخر متدوال بين المعنين، بمجملها هي محاولات انتقاص منهن أو السيطرة عليهن.
المرأة العراقية قوية متمكنة لو أتيحت لها الفرصة في الادارة والقيادة، قادرة على تذليل اي صعاب تواجهها، لو تلقت الدعم والاسناد، في القطاع الخاص ومنظمات المجمتع المدني لدينا تجارب أدارة وقيادة مهمة ويشار لها بالنجاح والتمييز، وفي بعض الدوائر الحكومية ايضا لكن ليس على النطاق القيادي أو الادارة الرئيسية للمؤسسات أو الدوائر، اذ يقتصر الامر هنا على الوحدات الوظيفية الادني، وهذا بسبب أن وضع أو تنصيب المراة قياديا يأتي تحت عباءة حزب أو توجه سياسي، وهنا حتما ستجبر على الانسياق وفق المتغييرات والتفاهمات السياسية، والمشاريع التي يتفق عليها بين الاطراف والقوى والاحزاب، وبذلك يحجم دورها، وتفقد الكثير من حماسها، وهنا اقصد النساء اللواتي يؤمن بالمساواة ويطالبن بحقوهن المدنية.
في فترات سابقة بعيدا عن شكل نظام الحكم، كان الاحتفال بعيد المرأة شعبيا اكثر مما هو حكوميا ورسميا، كانت النساء في الشوارع يتقبلن ما يقدم لهن من ورود حمراء، كان الرجال المؤمنون بحقوق المراة والمواساة، يحتلفون بعيدهن، اما اليوم فقد بات الأمر مختلفا جدا، وتحول من الاحتفال بعيدهن، إلى العمل على حمايتهن من التعصب والتشدد الديني والعشائري، ودفع الاذى والعنف عنهن، لكن دون أن ينسوا الاحتفال وتقديم الوردة الحمراء.