هل نعى غوتيرش دجلة والفرات؟

آراء 2023/03/08
...

 نوزاد حسن 


قبل أيام وفي مؤتمر صحفي جمع بين الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرش ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قال الامين العام وكأنه يذكر سياسيي البلد بقضية خطيرة جدا لم ينتبه اليها أحد بأن «نهري دجلة والفرات يجفان». هذه الحقيقة المرّة التي قالها الامين العام تضع الجميع امام مسؤولية كبيرة ومصيرية في الوقت نفسه. 


فكرت بكلمات غوتيرش وحسدت شعب اليونان القديمة، لأن قادة ذلك الشعب كانوا يأخذون نبوءة عراف أو حكيم موضع اهتمامهم. بمجرد أن يسمع رجل السلطة أن ابنا له سينافسه فإنه يقوم بالتخلص من ذلك الابن، لأن توقع أحد العرافين تحدث عن منافسة ستقع بين الأب وبين الابن الذي سيولد. أنا أتحدث هنا عن مشكلة القدر عند اليونانيين، وقد تعاملوا معها بجدية لا نظير لها. 

كانت النبوءة تقلب حياة اليوناني رأسا على عقب. ولو كان السياسي العراقي يملك ذرة من ذلك السلوك اليوناني لفكر بقلق وهو يستمع إلى تحذيرات الخبراء، واخرها تحذير أرفع مسؤول في الامم المتحدة. 

ما قاله السيد غوتيرش هو حقيقة مرعبة وليست نبوءة. ومع أن مكان الحقيقة ليس بعيدا عنا لأننا نرى بعض ملامحها واضحة في نزوح اهالي بعض القرى تاركين قراهم التي تعاني من العطش. 

تشير التقارير إلى أن المستقبل لم يعد آمنا في ظل هذه التغيرات المناخية. يسمع هذا المسؤول أو ذاك ما يقال عن سنوات قادمة تؤثر في وضع البلد بوجه عام. ومع ذلك لا مبادرة يوسفية تقدم علاجاً لازمة سنواجهها بعد أعوام. 

أصابني حديث الامين العام بقلق كبير، وتخيلت أن نهري دجلة والفرات سيختفيان، وسنرى الجسور التي شيدت عليهما منذ عقود مجرد هياكل ميتة تنتصب فوق شقين ترابيين طويلين كانا مبعث حضارة عريقة اعطت الانسانية علوما وفكرا. 

لا اعرف هل فكر انطونيو غوتيرش وهو يتحدث عن مشكلتنا المائية بجدية سلوك اليوناني حين يسمع نبوءة عراف؟هل راقب الوجوه وهو يحذرنا من خطورة المستقبل الذي سنطدم به كما يصطدم قطاران؟

اسئلة تطرح، ولا بد أن تطرح، فالرجل الذي تحدث عن نتائج الجفاف والاحتباس الحراري هو ابن الثقافة الأوروبية التي تعلمت من فكر وفلسفة اليونان.