بشير خزعل
قبل أيام أعلنت المحكمة الاتحادية العليا أنها رسّخت مبدأ حق العراقيين في التملك دون تمييز في جميع أنحاء العراق، المحكمة اصدرت حكماً في إحدى الدعاوى، التي طعن بموجبها المدعين بدستورية الامر التشريعي رقم (12) لسنة 2004 قدر تعلق الأمر بإلغاء القرار (117) لسنة 2000، فالمحكمة وجدت أن الأمر محل الطعن قد صدر لإزالة التمييز بين المواطنين للحصول على الأراضي السكنية، بناءً على رغبة الحكومة العراقية في توفير قطع أراضٍ سكنية لجميع شرائح المجتمع، القرار جاء كتطبيق صحيح لمبدأ حق العراقيين في التملك دون تمييز في جميع أنحاء العراق، وانسجاماً مع مبدأ المساواة بين المواطنين، ويكرس مبدأ تكافؤ الفرص لجميع أبناء الشعب بما لا يخالف ولا يتعارض مع أي نص دستوري، هنا، المحكمة بينت انها لن تأخذها لومة لائم في حق، وكم نتمنى لو أن اختصاص المحكمة شمل مشاريع الاستثمار، التي عصفت بالدولة، ولم يرَ منها الناس سوى تخمة السراق والمنتفعين في وضح النهار، ولوتساءلنا عن بعض الحقوق الخاصة بشرائح وفئات اخرى من الناس، ومنهم موظفو الدولة ممن لهم استحقاقات قانونية تخص السكن منحها، وكفلها الدستور ضمن قوانين وضوابط وتعليمات معمول بها، نجد أن بعض تلك الحقوق وبعد سلسلة اجراءات طويلة اكتسبت من خلالها الدرجة القطعية في قانويتها ونشرت في جريدة الوقائع العراقية ثم جريدة الدولة الرسمية، أتى من يضرب تلك القوانين عرض الحائط باجتهادات شفوية ومحاضر اجتماعات لا قيمة قانونية لها سوى استغلال المنصب، الذي يشغله صاحب المنفعة في مصادرة حقوق الناس وبسلطة ومساعدة آخرين من المفروض أنهم مكلفون بتنفيذ القانون لا استغلاله للمصالح الشخصية والربحية، بقاء ووجود اصحاب المواقع الوظيفية المستغلين لمواقعهم في الاستحواذ والانتفاع المادي والتعدي على القانون تحت عناوين ومسميات، تبعدهم عن الشبهات ومن دون ترك أدلة تثبت تورطهم، امر لا بدَّ أن تلتفت اليه الحكومة وتضع يدها على كل عنوان ومشروع، لا سيما تلك التي غطت راسها بوشاح الاستثمار، فتداخل قوانين الاستثمار بحاجة ماسة إلى إعادة نظر، ليس في المشاريع السكنية لوحدها، ففي قوانين استثمار النفط ايضا يوجد تداخل للصلاحيات، كما أن قانون الشركات يختلف تماماً في حقوقه وواجباته عن قانون الاستثمار، سن القوانين من دون دراسة معمقة وبشكل واضح، وبوجود من يتحايل على القانون، تحت غطاء عملية الاستثمار، خصوصا في القطاع السكني لا بد ان يخضع إلى رقابة معمقة من الحكومة، فالاراضي تصادر بحجج الاستثمار لغايات وشراكات تنافعية بين بعض المسؤولين ممن يملكون سلطة القرار، من اجل كومنشات وبارقام فلكية تدفعها الشركات المستفيدة، حتى وصل الامر إلى التدليس على حقوق اكتسبت الدرجة القطعية في قانونيتها، ليتم التجاوز عليها ومنح أراضٍ مستحقة لموظفي الدولة إلى مستثمر بعينه، مساحات شاسعة من الاراضي وفي مواقع متميزة تمنح بموافقات غير مشروعة وبحجج الاستثمار، ماذا تتضمن هذه المشاريع؟ وماهو مضمونها ؟ ومن المستفيد منها؟ مجرد عناوين تصادر تحت مسمياتها أراضٍ وممتلكات عائدة للدولة؟ ملف الحكومة السابقة متخم بمثل هذه الهبات والسرقات، وعلى الحكومة الحالية أن تلتفت إلى سن فقرات جديدة ضمن هذا القانون لضبط ايقاع الاستثمار، منصب المسؤول واستغلال موقعه الوظيفي للاستحواذ على الأراضي ومنحها بشراكة وموافقات اخرين منتفعين، لا بد أن يخضع إلى سلطة رقابة عليا في الحكومة، تستطيع ان توقف جميع الاجراءات والاعمال ومحاسبة المنتفعين على حساب المواقع
الوظيفية.