أ.د.جاسم يونس الحريري
أعلنت إيران والمملكة العربية السعودية في يوم الجمعة الموافق 10 /3 /2023 في بكين استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، التي كانت مقطوعة منذ عام، 2016 إثر مفاوضات استضافتها الصين. ومثل إيران في المفاوضات (علي شمخاني) الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، والسعودية (مساعد بن محمد العيبان) وزير الدولة، وعضو مجلس الوزراء، مستشار الأمن الوطني السعودي، غايتها فتح سفارتيهما، وممثلياتهما خلال مدة أقضاها شهران، وأكد الطرفان أن الاتفاق يتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول.
وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.وتفعيل التعاون الأمني الموقعة عام2001، إضافة إلى اتفاقية اخرى سابقة للتجارة، والاقتصاد، والاستثمار.
تحليل واستنتاج:
1 - تعلمنا في ميدان العلاقات الدولية وفق القانون المشهور للسياسي البريطاني الشهير (ونستون تشرشل) رئيس الوزراء السابق للمملكة المتحدة (لاعداء دائم، ولا صداقة دائمة بل مصالح دائمة)، وهذا ما حدث في التأريخ السياسي المعاصر في بيئة العلاقات الدولية، وقد تجسد هذا الامر على ايران والسعودية بعد إعلان البلدين مؤخرا استئناف العلاقات بينهما، بالرغم من قطع علاقاتهما عام2016 بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران في أثناء خلاف بين البلدين بشأن إعدام الرياض رجل الدين الشيعي (نمر باقر النمر) و46 شخصا آخرين في 2
يناير2016. وتحميل السعودية ايران المسؤولية عن هجمات صاروخية، وبطائرات مسيرة (درون) على منشآت نفطية بالمملكة عام 2019، وكذلك هجمات على ناقلات في مياه الخليج العربي.
2 - جميع المراقبين لم يرجحوا هذه الانفراجة في العلاقات بين ايران والسعودية، لا سيما أنهما أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الاقليمية وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفًا عسكريًا داعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا، وتتهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين، الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.
كذلك تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتّهمها بـ(التدخّل) في دول عربية مثل سوريا، والعراق، ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي، وقدراتها الصاروخية.
3 - يبدو أن الفاعل الأميركي كان حاضرا في الضغط على الجانب السعودي لفلترة الملفات بين البلدين، ومن ضمنها انهاء الحرب في اليمن بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية وتبادل الممثلين الدبلوماسيين وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس الامن القومي بالبيت الأبيض (بوجه عام، نرحب بأي جهود للمساعدة في إنهاء الحرب في اليمن وتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط. بعد خفض التصعيد والدبلوماسية).
4- يبدو أن الدور الصيني في جمع الطرفين المتخاصمين ايران والسعودية تاكيد لدور صيني مستقبلي في الشأن الاقليمي في المنطقة وكنوع من التنافس مع واشنطن في ادارة ملفات الصراع هناك، لا سيما بعد تأكيد (وانغ يي) كبير الدبلوماسيين الصينيين أن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران (نصر) للحوار والسلام.
ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ قوله في اختتام الحوار بين السعودية وإيران إن استئناف العلاقات (أنباء طيبة عظيمة) في العالم المضطرب حاليا. وأضاف وانغ (أن الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم اليوم، وستظهر تحليها بالمسؤولية بصفتها دولة كبرى).