السوداني يرعى {مؤتمر العراق للمناخ} في البصرة
بغداد: محمد الأنصاري
أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إطلاق حملة كبرى لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم البلاد، وبينما كشف عن المضي بإعداد رؤية العراق للعمل المناخي لغاية العام 2030 خلال افتتاحه ورعايته أمس الأحد "مؤتمر العراق للمناخ" المنعقد في البصرة، افتتح رئيس الوزراء مستشفى السياب التعليمي المتوقف منذ سنة 2009 وكذلك سايلو أم قصر المتلكئ أيضاً منذ سنة 2016، كما زار ميناء الفاو الكبير وتابع مجريات العمل فيه.
وقال السوداني، في كلمة لدى رعايته وافتتاحه "مؤتمر العراق للمناخ" الذي تستضيفه البصرة: إن "الحكومة ماضية في برنامجها الذي أولى معالجة تأثيرات التغيرات المناخية أهمية خاصة، وقد وضعت معالجات عدّة لتخفيف الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي ترافق التغيّر".
وشدد رئيس الوزراء على أهمية متابعة كل ما يتعلق بتنفيذ الرؤية العراقية للعمل المناخي، وبصورة خاصة، مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، وجهود الحفاظ على حقوق العراق في مياه نهري دجلة والفرات، كما أطلق خلال المؤتمر، مبادرة كبرى لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق.
وأشار في كلمته، إلى أن "مؤتمر العراق للمناخ" يؤسس مرحلة جديدة لمواجهة الآثار الشديدة للتغيرات المناخية في العراق، مبيناً أن "التغيرات المناخية التي تمثلت بارتفاع معدلات درجات الحرارة، وشُحّ الأمطار، وازدياد العواصف الغبارية، مع نقصان المساحات الخضراء، هددت الأمن الغذائي والصحي والبيئي والأمن المجتمعي".
وأوضح أن "أكثر من 7 ملايين مواطن تضرروا جراء معاناة مناطقهم من الجفاف، وقد نزحوا بمئات الألوف لفقدانهم سبل عيشهم المعتمدة على الزراعة والصيد، وأكثر ما يُؤسف له الجفافُ الشديد الذي أصاب أهوارنا الجميلة".
رؤية العراق 2030
وأكد أن "الأولوية الوطنية للحد من التغير المناخي تمثلت بتقديم المساهمة المحددة وطنياً لخفض الانبعاثات، وإعداد الستراتيجيات الوطنية للبيئة والتنوع البيولوجي ومكافحة التلوّث"، وأضاف "نعمل على إعداد رؤية العراق للعمل المناخي لغاية العام 2030".
وأشار السوداني إلى أنه وجّه "بعقد هذا المؤتمر ليمثل بداية انطلاقة واعدة في العمل البيئي والمناخي تتناسب مع حجم التحديات التي نواجهها"، مؤكداً أن "الحكومة سعت ضمن برنامجها الحكومي لمنح الأولوية لمواجهة آثار التغيرات المناخية عبر عدد من المشاريع التي تسهم في تقليل الانبعاثات".
وكشف عن أن المشاريع التي أشار إليها تتضمن "إنشاء محطات الطاقة المتجددة، وتأهيل مواقع الطمر الصحي المغلقة، ومشاريع مكافحة التصحر، وتقنيات الرّي المقنِّنة للمياه، ومعالجات المياه الثقيلة"، وأضاف "لقد وقعنا مؤخراً عقود جولة التراخيص الخامسة لاستثمار الغاز المصاحب ووقف حرقه لخفض الانبعاثات الكربونية بنسب
كبيرة".
وتابع بالقول: "ماضون في توقيع عقود لإنشاء محطات توليد الطاقة من المصادر المتجددة، لتغطي ثلث حاجتنا من الكهرباء بحلول العام 2030"، مبيناً أن "المجلس الوزاري الاقتصادي سيتولى وضع إطار زمني، لتنفيذ مشاريع ستراتيجيات التنوع البيولوجي ومكافحة التلوث، ووثيقة المساهمة الوطنية لخفض الانبعاثات"، وكشف عن توجيهه بتوسعة "المبادرة الوطنية لخفض الانبعاثات" لتشمل مختلف القطاعات، عادّاً أن "حزمة مشاريع تقليل الزخم المروري في بغداد تشكّل أحد الحلول لخفض الانبعاثات".
حملة تشجير كبرى
وأعلن السوداني "إطلاق مبادرة كبرى للتشجير، تشمل زراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق، يرافقها إطلاق دليل وطني للتشجير الحضري ولأوّل مرّة في العراق"، وأضاف "كما أطلقنا مشروع تنمية الغطاء الطبيعي بهدف مكافحة التصحر من خلال تعاقدات مهمة مع شركات عالمية متخصصة وبالذات في مناطق نشوء العواصف الترابية محلياً".
وأكد أن "محافظة البصرة لها الأولوية في تنفيذ هذه المشاريع بسبب وضعها البيئي الحرج"، مشدداً على أن "رعاية بيئة البصرة، هي المعيار لجدّية الحكومة في معالجة ملف التأثيرات البيئية"، وبين أن "مجلس الوزراء سيخصص جلسات دورية لمتابعة تنفيذ أجندة العراق المناخية، وتنفيذ المشاريع البيئية".
الجفاف ودول المنبع
ودعا السوداني "الدول الصديقة ومنظمات الأمم المتحدة كافة، لدعمنا في مواجهة آثار التغيرات المناخية"، كما دعا "الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية البيئية، لتعزيز بنود التعاون الدولي في الإدارة المشتركة لأحواض الأنهار العابرة للحدود، والحفاظ على حقوق الدول المتشاطئة"، مؤكداً أن "الانفراد بالتحكم بالمياه في دول المنبع يزيد من هشاشة الدول في مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية".
وكشف رئيس الوزراء في ختام كلمته بمؤتمر المناخ في البصرة، عن الدعوة لمؤتمر إقليمي يعقد في بغداد قريباً، لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك، وتبادل الخبرات والبرامج بين دول الإقليم في مواجهة التأثيرات المناخية.
مستشفى السيّاب
وعلى هامش زيارته لمحافظة البصرة، افتتح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مستشفى السيّاب التعليمي، وقال في كلمة خلال الافتتاح نقلها مكتبه الإعلامي: إن "إكمال المستشفيات جزء من أولويات الحكومة، والقطاع الصحي يأتي في المقدمة من برنامج عملها".
وأضاف، "شكّلنا ورشة عمل منذ شهرين بصلاحيات واسعة، وأثمرت جهودها عن إنهاء التلكؤ في المشروع وإنجاز المستشفى"، وأشار إلى وضع خطة لإنجاز المشاريع المتلكئة، وقال: "اليوم نفتتح واحداً من أهم المستشفيات المتلكئة منذ العام 2009"، مؤكداً أنه "قريباً سننفذ رؤية جديدة بتقديم الخدمة في قطّاع الصحة، وتتمثل بالتعاقد مع شركات عالمية لإدارة وتشغيل المستشفيات".
وشدد بالقول: "نعمل من أجل إنهاء ظاهرة اضطرار المواطن للسفر إلى خارج العراق من أجل العلاج، وتوفيره بدلاً من ذلك داخل البلد".
ويضم مستشفى السياب، الذي تبلغ سعته (492) سريراً، والمتكون من ستة طوابق، جميع الخدمات والاختصاصات الطبية العامة كالباطنية والجراحة والأطفال والنسائية والعيون والأنف والأذن والحنجرة والكسور والمفاصل، فضلاً عن مراكز تخصصية لأمراض الكلى، ومركز للأورام مع مُعجِّلات خطّية للعلاج الإشعاعي، لخدمة محافظات المنطقة الجنوبية ومواطني محافظة البصرة، بالإضافة إلى اشتمال المستشفى على مركز لقسطرة القلب، ومركز لعلاج الحروق ومركز للعلاج الطبيعي.ويأتي افتتاح هذا المستشفى ضمن توجيهات رئيس الوزراء، التي أكد فيها على إكمال المشاريع المتلكئة، لكون المستشفى قد وُضع له الحجر الأساس منذ سنة 2009، وتأخر إنجازه بسبب عقبات مالية وفنية.
سايلو أم قصـر
كما افتتح السوداني، سايلو أم قصـر في محافظة البصرة، بعد توقف دام سبع سنوات.
وأكد رئيس الوزراء، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي، أن "افتتاح مشروع سايلو أم قصـر يتطابق مع رؤية الحكومة في إصلاح أداء وكفاءة القطاعات الإنتاجية"، مشدداً على "عزم الحكومة على تأمين متطلبات الأمن الغذائي الذي تبنته في برنامجها التنفيذي، بما يساعد على مواجهة مختلف التحديات".
يُشار إلى أن سايلو أم قصـر كان متوقفاً منذ عام 2016، ومضت الحكومة بإنجازه سريعاً بطاقة تصميمية تصل إلى (60) ألف طن، تم تشغيل (20) ألف طن خلال شهر، والعمل مستمر لتشغيل (45) ألف طن خلال شهر ونصف الشهر.
وقد جرى ربط السايلو بخط السكك الحديد من أجل نقل الحنطة من الموانئ الجنوبية، مروراً بجميع المحافظات التي توجد فيها خطوط سكك حديد، وصولاً إلى محافظة نينوى، ما سيُسهم في اختصار الوقت وتوفير المال.
استثمار الغاز
على هامش مؤتمر المناخ في البصرة، كشف وزير النفط حيان عبد الغني، عن التعاقد على مشروع الطاقة الشمسية بطاقة ألف ميغا واط.
وقال عبد الغني: إن "الحكومة أولت اهتماماً للتركيز على استثمار الغاز والاستفادة من هذه الطاقة"، وأضاف، أن "الوزارة عملت على مراجعة المشاريع الموجودة في استثمار الغاز بالحقول الجنوبية والوسطى والشمالية"، مشيراً إلى أن "كمية الغاز المستفاد منها في توليد الطاقة الكهربائية بلغت 56 %".
وبيّن، أنه "لأول مرة في العراق سيتم التعاقد على مشروع الطاقة الشمسية بطاقة ألف ميغا واط"، موضحاً أنه "مشروع كبير ونموذجي ومثال لاستخدام الطاقة المتجددة".
وأردف عبد الغني، أن "الوزارة تعمل على مشاريع عديدة بالفترة المقبلة منها مشروع استثمار 200 مليون قدم مكعب من الغاز في الناصرية، فضلا عن مشروع لاستثمار 300 مليون قدم مكعب في ميسان، وهو من المشاريع الواعدة، إذ سيتم نصب محطات كهربائية تعتمد على هذا الغاز".
ولفت إلى أن "جولة التراخيص الخامسة معظمها حقول غازية توفر نحو 750 إلى ألف مليون قدم مكعب من الغاز وسيتم تنفيذها خلال 3 سنوات كمرحلة أولى".
مشاريع الطاقة النظيفة
بدوره، قال وزير التخطيط، محمد علي تميم على هامش مؤتمر العراق للمناخ: إن "الوزارة عملت على وضع خطط كبيرة بدأت بمشروع الطاقة النظيفة، إذ خصصت له موازنات. قسم من هذه المشاريع أدرجت بالموازنة، ومنها ما يتعلق بالطاقة النظيفة ومشاريع الموارد المائية".
وأشار إلى أن "وزارة البلديات خصصت لها موازنة، ولأول مرة، تعتبر من أكبر الموازنات التي حصلت عليها، والتي ركزت على مشاريع البنى التحتية وما يتعلق بمعالجة مياه الصرف الصحي والمياه الثقيلة والمجاري، فضلاً عن تخصيص موازنة لوزارة النفط لتنفيذ مشاريع الغاز المصاحب واستخدام الطاقة الأحفورية التي تقلل انبعاث الغازات الكاربونية".
ولفت إلى "تخصيص مبلغ لوزارة الزراعة للبدء بعملية واسعة لماكنات الري بالرش بالتعاون مع وزارة الموارد المائية"، مبيناً أن "المشاريع كافة وضعت من قبل وزارة التخطيط وأقرت في اللجنة المصغرة لإعداد الموازنة".
وأكد أن "الوزارة تعمل على المتابعة والمراقبة ووضع الستراتيجيات والعمل في ظل الظرف الحساس وقلة الموارد المائية وعدم اقتسام دول الجوار مع العراق الضرر الذي سببه الاحتباس الحراري"، وتابع تميم، أن "وزارة التخطيط وضعت آلية بشأن الطاقة والطاقة النظيفة منسجمة مع البرنامج الحكومي".
تفاصيل المؤتمر
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه قبل فترة بعقد مؤتمر العراق للمناخ لعام 2023 ليكون مفصلاً مهماً في العمل المناخي وعلامة فارقة نحو تنفيذ خطة البلد التي تمَّ تأطيرها بوثيقة المساهمات الوطنية التي قُدِّمت إلى اتفاق باريس للمناخ في نهاية عام 2021، بحسب مصدر حكومي.
وبين المصدر أن "ثماني جلسات ستُعقد ضمن المؤتمر على مدى يومين، بينها الجلسة الافتتاحية وعرض فيلم وثائقيّ بعنوان (عطش العراق) وكلمة لرئيس مجلس الوزراء".
وأشار إلى أن "نقاشات المؤتمر ستركز على شرح الخطط الوطنية المتعلقة بالمناخ وتوضيح آليات التمويل الوطني والدولي وحجم التحوُّل المزمع نحو الاقتصاد الأخضر الساند والآليات النظيفة بيئياً". وتابع، أنه "سيتم تسليط الضوء على أهمّ المشاكل التي تواجه البلد مثل شح المياه وكذلك المناطق الأكثر هشاشةً وتضرُّراً من التغيُّرات المناخية مثل البصرة"، وأوضح، أن "المؤتمر يهدف إلى توضيح آليات التعاون الثنائية والمُتعدّدة مع الأُمم المتحدة ودول العالم".
وأردف: "سيكون المؤتمر فرصة لتوضيح دور القطاع الخاص الوطني والدولي في مرحلة تنفيذ الخطط والمشاريع المتعلقة بالمناخ ودور الشباب في قيادة مستقبل العمل المناخيّ".
ومضى المصدر الحكومي بالقول: "سيُسلّط الضوء على الدور الأكاديميّ والبحث العلمي في العمل المناخي، وكذلك جوانب الاهتمام بالمرأة وبحث الفرص والمشاريع المتوفرة لفئة الشباب والمرأة استناداً إلى وثيقة المساهمات الوطنية".
وختم قائلاً: "سيحضر ويشارك في المؤتمر، وزراء (البيئة والنفط والتخطيط والمالية والكهرباء والموارد المائية والزراعة) ومحافظ البنك المركزي ومستشار رئيس إقليم كردستان ومحافظ البصرة ورئيس بعثة الأُمم المتحدة في العراق وبعثة الاتحاد الأوروبي في العراق وسفير المملكة المتحدة في العراق نيابةً عن مجموعة الدول المانحة والسفير الفرنسيّ في العراق ومُمثّل البنك الدوليّ ومدير البنك الدوليّ في العراق وممثلو القطاع الخاص في المركز والإقليم ومنظمات المجتمع المدني العراقية ومنظمات الأُمم المُتحدة والوزارات المعنية".