استثمار الأموال المحروقة

آراء 2023/03/14
...

 بشير خزعل 


قبل عشرة اعوام مضت تحدثنا في تقارير وتحقيقات كثيرة عن استثمار الغاز المصاحب، الذي يحرق هباءً منثورا منذ عشرات السنين، من دون أن يلتفت إليه أحد لا في زمن النظام السابق ولا بعد انهياره، وظل العراق يشتري الغاز بمليارات الدولارات سنويا لتوفير طاقة عليلة لا تقي من لهيب حر يؤرق العراقيين كلما حلَّ عليهم فصل الصيف، الحكومة الحالية على ما يبدو أنها مصممة على استثمار الغاز الذي يحرق في حقول النفط العراقية بغير وجه حق، نحرق مليارات الدولارات في الهواء وشعبنا يعاني ويلات الفقر والبطالة وقلة الخدمات، ثم نرجع نشتري بمليارات اخرى من قوت الناس ما نحرقه من غاز في الهواء، (حزورة) بحاجة إلى فك طلاسمها الراسخون في علم النفط والطاقة، اين كنتم منذ عشرين عاما مضت؟ حسب المختصين في الشأن النفطي، العراق بحاجة إلى 4 أعــوام لتحقيق الاستثمار الأمثل للغاز ضمن جولة التراخيص الخامسة وزيادة إنتاجه، والاستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية، بينما رجح مختصون آخرون بان العراق على سيكون على استعداد لتصدير الغاز المسال (شبه المبرد) إلى أي دولة مع وجود توجه لاستخدام الغاز، ليكون بديلا عن المشتقات النفطية سواء في المجمعات السكنية الحديثة أو السيارات أو الأفــران أو غيرها من المجالات الأخرى، التوجه الحكومي لـزيـادة إنتاج الغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض منه، والاستفادة منه بالدرجة الأساس في توفير الطاقة الكهربائية، خطوة بالاتجاه الصحيح، نحو تحقيق قدر كبير من الاستقرار الاقتصادي وتوفير اساسيات اعادة بناء البنى التحتية بشكل متكامل، فأغلب المحطات الكهربائية التي تعاقد العراق عليها مع شركة (سيمنس) سيكون الغاز أساسيا في عملها، خصوصا أن الغاز الطبيعي في البلد يقسم إلى المصاحب الذي يشكل نسبة 70 بالمئة، والحر الذي تبلغ نسبته 30 بالمئة، مجمل الإنتاج الحالي من الغاز يصل تقريبا إلى 1600 مليون قدم مكعب قياسي، والباقي 1400 مليون قدم مكعب لا يزال يحرق، استثمار الغاز في حقول عكاز في الأنـبـار وسيبة في البصرة والمنصورية في ديالي، ووجود مشاريع لاستثمار الغاز في الناصرية وميسان، يمكن أن تضاف للإنتاج نهاية العام 2023 بحسب تقارير وزارة النفط، فضلا عن وجود مفاوضات لاستثمار الغاز في حقل أرطاوي مع شركة توتال الفرنسية للطاقة، كل هذه التحركات التي أتت بعد سبات طويل، يمكن أن تعوض العراق عن سنوات كثيرة من الضياع والخسارة، بشرط ان تترجم إلى واقع ملموس في السنوات الاربع القادمة، فالمهم أن يكون لدينا انتاج محلي وطني من الغاز يتخلص به العراق من الاستيراد وهدر المال العام على ما نملكه ونفرط به بلا وعي وادراك، ما يهم العراقيون وجود مصدر حيوي ونظيف للطاقة، يوفّر الأموال وينعش الاقتصاد ويعود بفائدة كبيرة على الناس، ابسطها وجود طاقة كهربائية مستقرة، وبيئة يعاد تنظيفها وفلترتها من مداخن تنفث سمومها في مدن العراق منذ عشرين عاما وما زالت.