اوليفر ميلمان
ترجمة: بهاء سلمان
وفقاً لمجموعة من العلماء، يقودهم {جيمس هانسن}، الباحث المعروف بشؤون المناخ، ينبغي إجراء مزيدٍ من الدراسات بشأن المفهوم المثير للجدل من أن تشتيت أشعة الشمس بشكلٍ متعمدٍ سيعمل على تقليل درجات الحرارة المتزايدة لكوكب الأرض.
وتحذّر رسالة مفتوحة، أطلقها أكثر من 60 عالماً عبر الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، من أنَّ العالم سيبقى "على نحوٍ متزايدٍ بشكلٍ غير مرجح" تحت درجتين مئويتين لما بعد عصر الصناعة، ويعود السبب في ذلك إلى الإخفاق في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، الأمر الذي يستلزم "تقييماً علمياً دقيقاً وسريعاً" للاقتراحات الغريبة السابقة الخاصة بالهندسة الجيولوجيَّة الشمسيَّة بغية توفير تبريد سريع.
وتضمّنت قائمة الموقعين على الرسالة هانسن، العالم الرائد بشؤون المناخ، والذي يعود إليه الفضل بتنبيه العالم من الارتفاع الخطير لدرجات الحرارة العالمية خلال ثمانينيات القرن الماضي. والوقت ذاته الذي أوضحوا فيه أنَّ قطع الانبعاثات تعدُّ أولويَّة رئيسة، يرى العلماء أنَّ التداعيات الكاملة للهندسة الجيولوجية، والتي تدعى أيضاً بإدارة الإشعاع الشمسي، تحتاج إلى أنْ تفهم قبل تجربتها بشكلٍ متهوّرٍ في بلدٍ ما.
تقول الرسالة: "لأنَّ القرارات الخاصة بتفعيل إدارة الإشعاع الشمسي من عدمه يجب أنْ توضع بنظر الاعتبار خلال العقد أو العقدين القادمين، فإنَّ التقييم العلمي الدولي المتين لمناهج إدارة الإشعاع الشمسي يعدَّ ضرورياً بأسرع ما يكون".
حلولٌ مصطنعة
ستعملُ هذه الجزيئات على تشتيت أشعة الشمس لتبرّد الكوكب بسرعة، بدرجة مئويَّة واحدة، أو ربما أكثر، رغم أنها ستبقى بشكلٍ مؤقتٍ فقط، مستلزمة وجود سلسلة ثابتة من الرحلات بواسطة الطائرات لرش المزيد من الغبار الجوي، وتجديد المادة العاكسة. الآليَّة الأساسيَّة خلف هذا الأمر مفهومة بشكلٍ جيّد، فغبار الثورانات البركانيَّة يسبب أمراً مشابهاً بتعتيم ضوء الشمس، لكنَّ الهندسة الجيولوجيَّة الشمسيَّة لم تتم تجربتها مطلقاً، وواجهت معارضة شديدة حينما تمت محاولة هذا الموضوع، ويعود السبب وراء ذلك إلى مخاوف من تأثيرات مناخيَّة قاسية غير معلومة، ومخاوف من فقدان التحكّم بمحيط الجزيئات.
مع هذا، ومع بقاء إخفاق الحكومات لإيقاف الانبعاثات بالسرعة الكافية لتجنّب تغيّر كارثي بالمناخ، فهناك دعمٌ بين أوساط بعض الكيانات للبحث، إنْ لم يكن انتشاراً بشكلٍ كاملٍ، للهندسة الجيولوجيَّة الشمسيَّة. وأطلقت الحكومة الأميركية بالفعل مؤخراً بحثاً لمراجعة التدخلات المناخية، كما أصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقريراً يدعو فيه إلى دراسة المزيد من الخيارات.
ويصرّح التقرير بأنَّ رش الجزيئات العاكسة يعدُّ "المنهاج الوحيد المعروف من الذي يمكن استخدامه لتبريد كوكب الأرض في غضون سنين قليلة"، وهذا الأمر سوف يكلّف عشرات المليارات من الدولارات سنوياً، وبشكلٍ مستمر، لأجل تحقيق تخفيض درجة حرارة مئويَّة واحدة على مستوى العالم. لكنَّ التقرير أقرَّ أيضاً بقائمة طويلة للمخاطر المحتملة، مثل الإضرار بطبقة الأوزون، واختلالات محتملة في الطاقة، وصراعات بين الدول، وخطر "صدمة الإنهاء"، إذ إنَّ التوقف المفاجئ لرش الجزيئات سوف يعمل على إطلاق كميات هائلة من دفءٍ عالمي مكبوت.
أزمة بعيدة الأمد
وكتبت "انغر اندرسون"، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "لا نريد أخطاءً: لا توجد هناك إصلاحات سريعة لأزمة المناخ، وتبقى الجهود الحالية غير كافية بالمرة.
ونتيجة لذلك، تدعو أصواتٌ متزايدة وتحضر لخيارات "طارئة" بديلة للإبقاء على مراقبة ارتفاع درجات الحرارة العالميَّة".
وكتبت اندرسون عن وجود مشاريع بحوث قليلة حول التبنّي الواسع النطاق للهندسة الجيولوجيَّة الشمسيَّة، والموضوع "مفعمٌ بأمورٍ مشكوكٍ بها علمياً وقضاياً
أخلاقيَّة".
ولا ينبغي أنْ تعدَّ هذه "التقنية التخمينيَّة" بديلاً لخفض الانبعاثات، ولا تزيل الكاربون من الغلاف الجوي، فهي بكل بساطة تعمل على تغطية الاحترار الحاصل بسبب حرق الوقود الأحفوري، كما تضيف
اندرسون.
ويقول المعارضون للهندسة الجيولوجية الشمسية إن الوضع مقلقٌ برؤية نشاطٍ واضحٍ يتجمّع خلف تطوّرها، ويحثّون الحكومات على اتّباع ما بدأته المكسيك، التي حظرت مؤخراً التجارب الخاصة بهذه التقنيَّة.
ووضع أكثر من أربعمئة عالمٍ تواقيعهم على وثيقة تدعو إلى اتفاقية عدم استخدام الهندسة الجيولوجيَّة الشمسيَّة.
تقول "ليلي فوهر"، نائب مدير قسم المناخ والطاقة في مركز القانون البيئي الدولي: "الفكرة التي تشير إلى أنَّ مقدرتنا على التحكم بمنظم الحرارة العالمي، وتخفيض مستويات درجات الحرارة إلى الحالة المرغوب بها قد تمَّ فضحه من قبل المجتمع العلمي مراراً وتكراراً، بيد أنَّ هناك فكرة جذابة للغاية بالنسبة للمتسببين الكبار بالتلوّث والحكومات، الذين ليس لديهم استعدادٌ لإنفاق المال على تحوّل تغيير النظام بشكلٍ جذري، فالأمر ضروريٌّ بشكلٍ عاجلٍ جداً".
صحيفة الغارديان البريطانية