حسين رشيد
لا تزال الحركة المرورية في بغداد واحدة من أسوأ عواصم الشرق الأوسط على صعيد حركة السير والمرور والاشارة الضوئية وخطوط العبور، فضلا عن فوضى المركبات حيث تشاهد في حركة سير سيارة حديثة كأن تكون لاندكروز (جكسارة) بجانبه (تك تك) (ستوته) وقربهما (دراجة نارية)، الأسوأ الآن بعد أن كان العراق يوما من الأيام يتمتع بأحدث أنظمة النقل في الشرق الأوسط.
ففي خمسينيات القرن الماضي، كانت البلاد الأولى في الشرق الأوسط التي تستخدم الحافلات ذات الطابقين، والمواطن يمتثل بكل أرحية لقانون المرور ويمتثل لتوجيهات شرطة المرور.
اليوم يقوم رجال المرور بجهود كبيرة في تنظيم حركة السير وفك الاختناقات والازدحامات المرورية، لكن ثمة اموراً صغيرة تهمل من بعضهم الاغلب، مثل أهمية بقاء السايد الايمن مفتوحا امام حركة السير، لتخفيف الازدحام والضغط على التقاطع والاشارة الضوئية، لكن الذي يحدث ان هذا السايد يغلق من قبل أحد السائقين امام انظار شرطة المرور، كذلك السماح للمواطنين بالعبور من جهة إلى أخرى، اثناء السماح للعجلات والمركبات بالتحرك، ما يتسبب بإرباك السائقين، وربما تعرض المواطنين للدهس، بعضهم غير ملم بشكل كافٍ بقوانين وانظمة السير، اذ يتعامل وفق ما يراه.
ورغم عائدات بيع النفط السنوية تزيد عن 100 مليار دولار، وواردات مديرية المرور تصل إلى مئات المليارات سنويا من رسوم تسجيل ونقل ملكية المركبات، والغرامات المرورية التي تفرض دون رحمة او حتى تراجع اذ اعتذار المواطن وأقر بخطأ، إلا أن شبكة الطرق في بغداد وبقية عموم مدن البلاد لم تتغير منذ ثمانينات الحرب مع ايران من القرن الماضي، وساءت ابان العقوبات الاقتصادية في تسعينات القرن الماضي وساءت أكثر إن لم تكن تدمرت ما بعد التغيير النيساني 2003 نتيجة الارهاب والاقتتال والفساد والمحسوبية بتعيين المسؤولين وفق نظام المحاصصة، الذي جاء بشخصيات لا تفقه شيئا في قطاع الطرق والجسور.
في شهر شباط الماضي أعلن أن مبلغ الغرامات المفروض بلغ 23 مليار دينار عراقي، الرقم يبيّن اولا الفوضى وعدم إذعان السائقين لقانون المرور واستهتار البعض منهم، وجهل آخرين بالقانون، كذلك يبين مبالغة رجال المرور بفرض الغرامات، التي من المفترض أن تذهب لتطوير وتبليط وانارة الطرق وتوسعته، ويمكن ذلك بتخصيص مبالغ الغرامات في قاطع مرور، تمنح للقاطع البلدي او الجهة المعنية بانشاء وتطوير الطرق والجسور، فضلا عن وضع العلامات المرورية التوجيهية والتحذيرية والدالة، والقطع الفسفورية، والأسيجة الحديدية، وبقية شروط السلامة العامة في استخدام الطرق الداخلية والخارجية.
ارتفع عدد سكان بغداد 3 أضعاف وربما اكثر منذ عام 1975، ووصل إلى أكثر من 9 ملايين مواطن، نسبة كبيرة منهم تملك مركبات بين سيارة ودراجة و»تك تك»، وحسب احصاءات مديرية المرور العامة أن 3 ملايين سيارة تسير يوميا في شوارع المدينة من ابناء العاصمة والقادمين لها من مدن البلاد الاخرى، في حين ان القدرة الاستيعابية للشوارع تقدر بحدود 200 ألف سيارة فقط وفق انظمة المرور الدولية المعتمدة، فضلا عن الدخول العشوائي للشاحنات المحملة بأطنان من شتى انواع البضائع توصلها إلى مخازن بين الأحياء والشوارع السكنية، دون الاكتراث لحركة السير او سلامة الطرق.
وسوف يرتفع عدد سكان العاصمة بغداد، مثلما سيرتفع عدد الداخلين والقاصدين لها، وسيزداد عدد السيارات وربما يصل إلى 4 ملايين سيارة حتى العام 2025 مع بقاء الشوارع على حالها، اذ لا يمكن توسعة أو تطوير اغلب شوارع العاصمة، لكن بالامكان الاعتماد على النقل العام، وتوفير وسائل نقل مريحة، انشاء ساحات تبادل تجاري في أطراف العاصمة، ونقل مخازن المواد الغذائية والتجارية قرب تلك الساحات، نقل مرائب النقل الرئيسي من بغداد إلى المحافظات خارج مركز المدينة، وخاصة مرأب العلاوي والنهضة، كذلك نقل الاحياء الصناعية وانشاء مدن صناعية حديثة على اطراف العاصمة، بعيدا عن مداخلها الرئيسية، ونقاط اخرى يعرفها أهل الشان والاختصاص اكثر منا، ليس من المستحيل انجازها، لو أريد ذلك.