بين بطاقتين

آراء 2023/03/15
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي

 الإنسان في كل الاوطان، هو عبارة عن وثائق وأرقام، فلكل واحد منا وثيقة تحمل رقما محددا، تثبت مَن هو وابن مَن، وعن اي جَد ينحدر، ومَن تكون أمه، ومتى سقط رأسه في هذه الارض، وفي اي بقعة، وضعته امه، وبالتالي فإن هذه الوثيقة هي عبارة عن مجموعة بيانات ومعلومات تثبت الشخصية، ولذلك يعاني الانسان كثيرا، في ما لو فقد وثيقته الثبوتية، أو لم يحصل عليها لاي سبب كان.

ونتيجة لتطور الحياة، والتعقيدات التي طرأت عليها، وبسبب الظروف والأحداث التي مر بها الانسان، بسبب سلوكيات الانسان نفسه، فقد تعددت الوثائق، وكل وثيقة تؤدي وظيفة معينة، أو تغطّي جانبا من جوانب الحياة، فهناك وثيقة جواز السفر، وهي الوثيقة التي تتيح للانسان تخطي الحدود والتجول بين البلدان، لاي سبب كان، ويُعد الجواز واحداً من اهم الوثائق، عالميا، حتى أصبح لكل جواز وزنٌ يرتبط بقوة بلد صاحبه، اقتصاديا وسياسيا، وعسكريا، وسياحيا.. الخ، وهو على أصناف وأنواع، حسب وظيفة حامله ودرجته، وهناك رخصة قيادة السيارة، ومعروف وظيفة هذه الوثيقة، وهناك وثائق اخرى، منها ما يرتبط بالمهن التي يمارسها الانسان، ومنها ما يتعلق الشخصية.

وفي الحديث عن الوثائق العراقية، فهي كثيرة ومتعددة، نذكر منها جواز السفر، وشهادة الجنسية، وهوية الأحوال المدنية، واجازة السوق، وبطاقة السكن والبطاقة التموينية، ورخصة حمل السلاح، وهوية ممارسة المهنة، وهوية الوظيفة، وبطاقة الناخب، والبطاقة الوطنية الموحدة، فلك أن تتصور حالك وأنت تحمل كل هذه الوثائق 

والباجات!!

ولكن الأهم من بين هذه الوثائق، اذا استثنينا جواز السفر، على اعتبار أن الحاجة اليه هي في السفر فقط، ومن لا يسافر فلن يكون بحاجة اليه، هي الوثائق الاربعة، أو كما يطلق عليها العراقيون، تندرا (الوثائق الذهبية) هي هوية الاحوال، والشهادة والتموينية والسكن، والى وقت قريب لايمكن تمشية اي معاملة ما لم تكن هذه الوثائق حاضرة، فبعد الشروع بمشروع البطاقة الموحدة، تم اختصار اثنين منهما في هذه البطاقة، اذ إن من يحمل الموحدة يستغني عن الشهادة والجنسية، اما التموينية فقد تم استبعادها من المربع الذهبي، لتبقى الساحة للبطاقة الموحدة وبطاقة السكن، مع مطالبة بعض الجهات باعتماد بطاقة الناخب وثيقة لاثبات الشخصية، لأنها تحمل بيانات بايومترية.

المشكلة لدينا في العراق، أن كل واحدة من هذه الوثائق ترتبط بجهة، ولدى هذه الجهات قواعد بيانات لاصحاب هذه البطاقات، وهذا من شأنه أن يشتت الجهود ويقلل من قيمة تلك البيانات، كما تتطلب كل جهة، تخصيصات مالية ليست قليلة، وبالتالي فنحن امام أموال كبيرة تُصرف سنويا لاستمرار هذه المشاريع، وهنا اعتقد، أننا والحال هذه ينبغي ان نعمل على توحيد القواعد المعلوماتية، ومن المؤكد ان البطاقة الوطنية الموحدة هي الأكثر تعبيرا عن شخصية الفرد، لعدة أسباب الأول، أنها تغطي جميع الأعمار، والآخر انها تتوافر على بيانات بايومترية كاملة عن الشخص، ونتيجة لذلك يمكن اعتمادها في الانتخابات، بدلا من بطاقة الناخب، وكذلك يمكن استخدامها في تمشية معاملات المواطنين في جميع المؤسسات.

تبقى فقط بطاقة السكن وهذه ايضا يمكن اذابتها في الموحدة، وفي حال حدوث اي تغيير في سكن الانسان، يقوم بابلاغ الجهات المعنية، بهذا التغيير ليتم تحديث البيانات الخاصة بالشخص.

إن المشكلة التي تواجهنا في هذا الجانب، هو أن مشروع الموحدة ما زال غير مكتمل، فالنسبة المُغطّاة لغاية الآن حوالي 50 ٪ أو اقل من العراقيين يحملون هذه البطاقة، من بينهم موظفون في مؤسسات الدولة، بمعنى أن هناك اكثر من 20 مليون عراقي لا يحملون البطاقة الموحدة، فهؤلاء ما زالو يرزحون تحت وطأة شهادة الجنسية والجنسية.

بتقديري أن المشروع يحمل اهمية كبيرة ويستدعي العمل على الاسراع في شمول جميع العراقيين، مع عملية تسهيل اجراءات منح البطاقة.