انتعاش أسواق النفط والفائض المالي يدعمان الموازنة

العراق 2023/03/19
...

 بغداد : هدى العزاوي 


عبّر مراقبون وسياسيون عن تفاؤلهم بانتعاش أسواق النفط خلال الفترة المقبلة، ما يسهم هو والفائض المالي ووفرة الإيرادات المتحققة للبلاد بتحصين الموازنة وحفظها من أي تقلبات ترفع مخاطر زيادة العجز فيها، بينما أبدى خبراء في الاقتصاد والمال تحفظاتهم على بعض التفاصيل المهمة الواردة في مسودة مشروع قانون الموازنة العامة لسنوات 2023/2024/2024 وأبرزها السعر المحتسب لبرميل النفط وكذلك العجز المخطط وارتفاعه. 

وقال عضو تحالف الفتح، سلام حسين: إن "الموازنة لن تعاني أي عجز، خصوصاً أن العراق لديه فائض مالي كبير ووفرة في الإيرادات، فضلاً عن أن أسعار النفط مرتفعة وقد تصل إلى مستويات أعلى مما هي عليه في الوقت الراهن".

من جانبه، رجح الخبير الاقتصادي، الدكتور صفوان قصي، أن تشهد أسعار النفط "ارتفاعاً في قادم الأيام في حال تمكنت روسيا من منع تحديد سقف لأسعار نفطها في السوق العالمية"، لافتاً إلى أن "روسيا لن تخضع للعقوبات الأوروبية، كما أن (أوبك) صممت على الإبقاء على نفس التخفيضات وبنفس المعدل، وبالتالي لا توجد أي زيادة في ضخ النفط وكذلك لا يوجد نقصان، ومن المتوقع حصول زيادة في الطلب على النفط، وبالتالي فإن أسعار النفط من المرجح أنها لن تنخفض عن 72 دولاراً للبرميل، خصوصاً أن واشنطن أعلنت أنها ستشتري النفط في حال وصوله إلى هذا السعر". 

في مقابل الآراء المتفائلة، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي، نبيل المرسومي، في حديث لـ"الصباح"، أن "العجز المخطط في الموازنة أكثر من 63 ترليون دينار، والملاحظ أن سعر برميل النفط في موازنة 2023 غير متحفظ، أي أن الحكومة العراقية لم تتحوط عندما وضعت 70 دولاراً لبرميل النفط، وهو الأعلى حتى بالنسبة لموازنات الدول النفطية - ومنها الدول الخليجية - التي اعتمدت سعرا بين 55 دولارا إلى 65 دولارا للبرميل".

ونوّه بأن "عدم التحوط بوضع سعر مرتفع للنفط يؤدي إلى تعميق العجز في الموازنة العامة، خاصة أنه خلال اليومين الماضيين شهدنا انخفاضاً في سعر خام برنت إلى مستوى 73 دولارا للبرميل، وهذا يعني أن النفط العراقي أصبح أقل من المخطط له بثلاثة دولارات".

ورجح المرسومي أن يشهد "الربع الثاني من العام الحالي انخفاضاً أكبر في أسعار النفط"، داعياً إلى "إعادة النظر بهذا السعر حتى لا يكون العجز أكبر من 63 ترليون دينار، الذي يشكل 20 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم يفوق 3 أو 7 مرات حجم العجز المسموح به للحكومة المثبت في قانون الإدارة المالية بـ(3 %)"، موضحاً أن "المشكلة الأكبر تكمن في كيفية تمويل هذا العجز من الرصيد المدور الفائض والمحدد في الموازنة بـ23 ترليون دينار، علماً أن المتبقي 40 ترليون دينار من الاقتراضين الداخلي والخارجي، وكما نعلم فإن حجم المديونية الداخلية كبير جداً في العراق غذ يبلغ 70 ترليون دينار ما يضيف أعباء كبيرة على الموازنة"، مجدداً الدعوة لإعادة النظر باحتساب سعر النفط بين 60 إلى 65 دولاراً للبرميل، وتقليص النفقات التشغيلية المقدرة بنحو 150 ترليون دينار، وقال: " يجب ترشيد النفقات العامة والإيرادات النفطية حتى لا تشكل موازنة 2023 عبئاً على السنوات 

اللاحقة".

مقرر اللجنة المالية النيابية للدورة الرابعة، الدكتور أحمد الصفار، بين في حديث لـ"الصباح": أن "وزارة المالية لم تلتزم بالنسبة المحددة للعجز الذي ورد في قانون الإدارة المالية والذي من المفترض أن لا يزيد على 3 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وفي كل سنة تزيد هذه النسبة، فضلاً عن أن جميع الموازنات بعد عام 2012 مجهولة المصير، إذ لا توجد حسابات ختامية يمكن فيها التأكد من مدى استخدام المال العام، وهل تم صرف الأموال والتخصيصات في المجالات التي خصصت لها أم لا".

وأشار إلى أن "الموازنات السابقة لم تستهدف حل المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، فمسألة البطالة والتضخم والفقر تزداد سنة بعد أخرى، كما أن الاعتماد سنوياً يزداد على الإيرادات النفطية"، متسائلاً: "كيف سيكون شكل الموازنة وتحقيقها مستقبلاً إذا ما كان مصدرها الإيرادات النفطية فقط وأسعارها المتقلبة؟".

تحرير: محمد الأنصاري