سعد العبيدي
بدأت المشكلة الكردية في العراق مع بدايات تأسيس الدولة، ولبدئها أسباب يرجع أهمها إلى رغبة الأكراد في تقرير مصيرهم، وعدم اعتراف الدول التي رسمت العالم الجديد بعد الحرب العالمية الأولى بهذه الرغبة أو الاستحقاق.
كما أسهمت أسباب أخرى باستمرارها، بينها تعامل الإدارات المركزية الحكومية الخطأ مع جذورها قضية، وتعامل البعض من الساسة الأكراد غير الصحيح مع قضيتهم والحكومة المركزية، واستغلال الدول الأخرى لها قضية معقدة بقصد زيادة تعقيدها بؤرة توتر ترهق العراق، وتقضي على فرص الأكراد في بناء مجتمعهم ورفاهه، وهذا تعقيد ولد استمراه حالة من عدم الثقة بين الدولة من جهة والساسة الأكراد من جهة أخرى استمرت وتوسعت، لتكون عامل فرقة بين العرب وبين الأكراد، ودفعت أطراف وأقوام أخرى للدخول في أتونها مثل التركمان وآخرين، وبالمحصلة أصبحت أي عدم الثقة العامل الأهم في إعاقة التوصل إلى حلول ترضى عنها جميع الأطراف.
لكن ظروف التحول إلى الديمقراطية وانتهاء حقبة الحكم الديكتاتوري وإن لم تكن كما أرادها أهل العراق، لكنها وفرت فرصاً مناسبة لترميم جدران الثقة المتصدعة، ووفرت ظروف التحالف الأخير بين الأكراد، وبين كتلة الاطار وصياغتهم تحالف إدارة الدولة معاً فرصاً إضافية لترميم ما تبق من شروخ في الجدران.. فرصٌ يفترض أن تستغل من الساسة ومن مؤسسات الدولة المركزية لإعادة بناء العلاقة مع الإقليم على وفق القوانين والمعايير الفيدرالية الصحيحة، وأن تستغل كذلك من الأكراد، للتنازل قليلاً عن بعض ما يضعونه خطوطاً حمراء أو استحقاقات نضال، والتوجه إلى نقطة في الوسط تكون كافية لحماية نظامهم الفيدرالي وتوفير فرص عيش ونمو يستحقونها بجدارة بعد ذاك التصدع والاضطراب لما يزيد عن مئة سنة كانت مستمرة.
إن الفرصة الآن أكثر من ملائمة، إن لم تستغل سيستمر التعقيد والتصدع مئة سنة أخرى قد يتغير فيها شكل العالم والمنطقة معاً ويصبح الحنين إلى الماضي البعيد مجرد أمنيات.