علي حسن الفواز
زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى روسيا تتجاوز حدود العلاقات التقليدية، لتفتح أفقاً يتسع للحديث عن عالم الأقطاب المتعددة، وللاتفاق على تأطيرات سياسية واقتصادية وأمنية، تكون الحسابات الدولية مدخلها العام، لكنها ستكون الأعمق في تعاطيها مع الحسابات الثنائية، وإيجاد حلّ مكتوبٍ باللغة الصينية للأزمة الأوكرانية، وعلى وفق خطط أكثر واقعية وموضوعية، بعيدة عن لغة العسكرة، والشكوك وهلاوس الفرضيات الأمنية.
الحوار الرئاسي مع الزعيم الروسي بوتين، أطلق العنان لقراءات جيوسياسية متعددة، لا سيما أنه تزامن مع إعادة انتخاب جين بينغ لرئاسة صينية جديدة، وهذا ما يعني إعطاء هذا الحوار زخماً، وقوة تجعل من الدور الصيني أكثر فاعلية في الحضور، وفي التخطيط لرسم ستراتيجيات العالم الجديد. ف "أربع ساعات ونصف" من المحادثات، كما قالت وكالة وكالة أنباء "ريا نوفوستي" الرسمية، لها دلالتها في توصيف الزمن السياسي، وفي الإشارة إلى جدّية الأمر، وإلى سعة المساحة التي يتحرك بها الرئيسان.
البحث عن حلول صينية للأزمة الأوكرانية، هو مدخل للحديث عن حضور صيني أكثر فاعلية، على مستوى دورها في تخفيف وطأة الأزمات العالمية، وعلى مستوى الحدّ من الواحدية الأميركية وسطوتها على ملفات الأمن والسياسة الدوليين، فضلاً عن ما يخصّ ملف العلاقات الصينية الأميركية، في سياقاتها التجارية والعسكرية، وفي تعاطيهما مع قضايا الأمن الدولي، ومايتعلّق بقضية تايون ومنع الولايات المتحدة من تحويلها إلى صراع مفتوح.
الموقف الأميركي يرتاب كثيراً بنوايا هذه الزيارة، وربما يضعها في سياق دعم روسيا في حربها، وفي دعم الرئيس الروسي بوتين شخصياً، لاسيما بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية بـ"اعتقال الرئيس الروسي" وهو ما أكده وزير الخارجية الأميركي انتوني بليكن بالقول: إنّ العالم يجب ألا ينخدع بأي تحرك تكتيكي من جانب روسيا تدعمه الصين" لكن واقعية الزيارة أكدت ماهو خلاف ذلك، وربما ستذهب إلى خيارات أخرى تتعلق بالاتفاق على سلسة الإجراءات التي تخصّ التطبيع الاقتصادي الكامل بين البلدين، وعبر برامج تتجاوز عقدة "الدولار الأميركي" حتى أن البعض قال: إن الرئيسين قد يتفقان على تشجيع تعلّم اللغتين الروسية والصينية.