السليمانية: كريم الأنصاري
يجدِّد حقوقيون وناشطون وممثلو أقليات دينيَّة في إقليم كردستان الرغبة بالانفتاح على صياغة عقد سياسي واقتصادي مع بغداد بعيداً عن خمط الحقوق والعمل الجاد على إنصاف المجتمع الكردي بما يحقق العدالة الاجتماعية، وبينما أشاروا إلى الدور الكردي في إسقاط النظام السابق وبذل الجهد من أجل عراق ديمقراطي، دعوا إلى ضرورة التمسك بالتجربة الديمقراطية منذ العام 1991 والحفاظ على مؤسسات الإقليم.
ورأى الخبير القانوني هاوري توفيق من السليمانية أنَّ تجربة إقليم كردستان مبنية على إرادة الشعب في العام 1991 برغم نقاط الضعف الحالية.
وقال توفيق، في حديث لـ"الصباح": إنَّ "هناك إنجازاً ستراتيجياً للإقليم تمثل بإجراء انتخابات حرة لشعب كردستان في 1992 وتشكيل الكابينة الوزارية لحكومة وبرلمان كردستان"، مشيراً إلى أنَّ "الانتخابات ثبتت الواقع الحقيقي والديمقراطي برغم إنكار النظام السابق له".
ولفت الخبير القانوني إلى أنَّ "أغلب دول المنطقة والعالم تعاملت مع مؤسسات الإقليم منذ ذلك الوقت، لتأتي نقطة التحول في مشاركة الإقليم بإسقاط النظام وبناء العراق الجديد، مع اتباع سياسة نفطية مستقلة برغم الصعوبات وهي بمثابة استقلال مالي للإقليم"، على حد قوله.
وأضاف أنَّ "أهم نقاط الضعف في الإقليم هي الحرب الأهلية التي سميت بـ"براكوزي" أي قتال الإخوان"، مبيناً أنَّ "الإقليم تعافى حالياً وتميز بعلاقة جيدة مع أميركا، أما داخلياً فالمجتمع الكردي بات يطالب بالعدالة الاجتماعية وبناء حكم رشيد مبني على أساس الكفاءة والخبرة".
ويعتقد الباحث في الشأن السياسي ياسين عزيز من أربيل أنَّ "الكرد كانوا أكثر استقراراً من أي مكون آخر في العراق قبل سقوط النظام السابق باعتبار بنائهم حكماً ذاتياً وإدارة حكومية مستقلة وبرلماناً منتخباً منذ العام 1991".
وأضاف عزيز، لـ"الصباح ، "لقد تحققت للكرد مكاسب سياسية ومادية ومعنوية مع تغيير النظام في العراق إلا أنه ومع مرور الزمن اكتشف الكرد أنهم لم يحققوا ما كان مطلوباً أو مشروعاً لديهم كحقوق كاملة"، مذكّراً بتوجهات الحكومات المتعاقبة في بغداد "بعدم منح الكرد حقوقهم للتنصل من التزامات الأطراف السياسية إبان فترة المعارضة المشتركة للنظام السابق".
في حين قال الناشط المدني نزار محمد من السليمانية: إنَّ "تجربة إقليم كردستان خلال 32 عاماً مرت بعدة مراحل فمن الناحية القومية حصل الشعب الكردي على استقلاله وبعض المكتسبات وتمكن من إنقاذ نفسه من سلطة البعث التي كانت تخطط لإبادة الشعب الكردي"، عاداً " تجربة الإقليم ناجحة في هذا الإطار مع بعض السلبيات غير الناضجة أيضاً من مثل عدم تطبيق المادة 140".
وذكر أنَّ "كردستان بحاجة إلى تأسيس اقتصاد حر ومحاربة الفساد، بالإضافة إلى ضرورة إقامة علاقات جادة مع بغداد، إذ كان الأجدر التبكير بها مباشرة بعد سقوط النظام السابق والعمل على إلغاء الطبقية المعيشية بين المواطنين في الإقليم".
ويؤكد الناشط المدني بحقوق الأقليات في الإقليم رجب عاصي كاكيي أنَّ "واقع التعايش السلمي في إقليم كردستان أفضل بكثير من بقية المناطق في الشرق الأوسط، وخاصة بعد انتفاضة عام 1991 وتشكيل البرلمان، حيث تم تخصيص خمسة مقاعد كوتا للآشوريين في برلمان إقليم كردستان، وبعد ربيع عام 2003 شهد برلمان إقليم كردستان تغيراً آخر وهو زيادة مقاعد الكوتا من خمسة إلی أحد عشر مقعداً، حيث تم تخصيص خمسة مقاعد للقومية التركمانية ومقعد للقومية الأرمنية في إقليم كردستان".
أما بخصوص الحرية الدينية في إقليم كردستان، فبين كاكيي، لـ"الصباح"، أنَّ "الحريات الدينية ساعدت على بروز مجموعات كشفت عن هويتها الدينية وتم قبولها من الناحية الاجتماعية طيلة تلك الفترة وفي العام 2015 تم تشريع قانون رقم 5 لحماية حقوق المكونات الدينية والقومية في إقليم كردستان، حيث تم الاستناد إلی القانون المذكور وأصبح هناك ممثلون للديانات الزرادشتية والبهائية واليهودية والصابئة المندائيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان العراق، وجميع الأديان في كردستان تمارس طقوسها من دون معوقات أو تحديات".
تحرير: علي عبد الخالق