مصادرةُ الجهود إضعافٌ للدولة

آراء 2023/03/26
...

 عمر الناصر 


لا أحد يختلف على أن كل ما يبذل من جهود كبيرة وعمليات نوعية استباقية، وقائية كانت أم اجهاضية من قبل أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية وحتى المدنية، التي تهدف لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب والتخريب والعبث بأمن واقتصاد الدولة، أو أي عملية أخرى تستهدف الأمن والسلم المجتمعيين هي إنجازات واقعية تستحق الاشادة ورفع القبعة، لكل من بذل الجهود وقدم التضحيات دون استثناء، خصوصاً أولئك الذين قدموا أثمن العطايا وأقدسها ومنها الشهادة، فالجود بالنفس هو أسمى غاية الجودِ، فتكللت جهودهم على إثرها بنجاحات ساحقة في سني الحرب على الإرهاب وتبديد حلم دولة الخرافة، التي كانت شبحاً وغولاً تنفخ فيه قوى الاستكبار والاستبداد وتنميه بعض الجهات الداخلية والخارجية، التي كانت تراهن على بقاء العراق في خانة الضعف والانعزال والتقوقع والانكماش الإقليمي والدولي، لجعله وحيداً ومنبوذاً ومنبعاً رئيساً لإنتاج وتصدير الأزمات والارهاب، ليكون فاقد الأمن والنفوذ وغير مؤثر بوجه القرارات المفصلية المصيرية التي تفرض على المنطقة. 

ربما تكون حكمة «إن الوقت لا ينتظر» صحيحة في بعض الأحيان، لكنها ربما للتأني في حقل التحليل والتمحيص أثناء العمل الأمني والاستخباري، فقد يؤدي التسرع بإعلان أي نجاح إلى ضياع الأهداف المعلنة وغير المعلنة وفشل المهمة وكشف الخطط التي تحافظ على دقة وسرية المعلومة، بسبب عدم أهلية البعض من العاملين في بعض المفاصل الحساسة، وبالتالي تضعف الجهود المبذولة لكشف الخيوط التي تدعم عمل مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية التي تعتمد أهم أركانها على واجب كتمان الأسرار. 

إن عملية تحوّل التحديات إلى فرص تعتمد بالدرجة الأساس على مدى أهمية أن يكون هنالك دقة وأحكام لجزئيات التخطيط الستراتيجي، لتجنب تقزيم وتحويل النصر الميداني الإعلامي والعسكري العالي المستوى، إلى نصر هزيل ليست له قيمة أو فائدة، بسبب ضعف وغياب التنسيق بين الجهات الساندة التي أوكلت لها واجباتها الوطنية، وعدم أهلية البعض في ضبط عدادات أفواههم لتجنب الإضرار بأمن وسيادة الدولة، إن العمل على كشف الخلايا الإرهابية النائمة والفاعلة ومجاميع التهريب ومافيات التخريب والفساد، هي حالة صحية بلا شك لكنها تحتاج لبلورة احترافية أكثر وتوحيد الرؤى وحرفية الأداء من باب ضرورة الإيمان بالعمل الجماعي وتبادل المشورة، استناداً لقول الامام علي ( ع)،»المؤمن مستشار فإذا استشير فليشر بما هو شائرٌ لنفسه»، لأن ضياع جهود الغير سيقلل من عطائهم، ويزيد من أعداد الانتهازيين والوصوليين غير المؤمنين بالفرملة والتأني داخل سباق العطاء والماراثون الوطني، والذي يؤدي بنهاية المطاف لمصادرة جهود الآخرين نتيجة غياب التنسيق وعدم إعطاء كل ذي حق حقه.