حمزة مصطفى
وصل المهندس محمد شياع السوداني إلى منصب رئيس الوزراء في توقيت حرج داخليا وإقليما وعالميا.
ولكونه أول ابن داخل يتسلم هذا المنصب بعد التغيير عام 2003 فإن «العين» عليه مرتين.
مرة من الداخل ومرة من الخارج.
داخليا تبدأ هذه «العين» من كونه «الفرصة الأخيرة» مثلما هو المصطلح المتداول الذي لا أعرف لماذا يتعين علينا دائما السير على الحافات، بحيث تقل بل تنعدم أمامنا كل الفرص, وهو محض هراء لا معنى له.
خارجيا فإن هذا الخارج يحتاج دائما إلى «تجييك» من يحكم العراق وكأنه الحاكم الوحيد في العالم، الذي يتعين عليه تقديم صحة صدور لأوراقه عند تسلمه السلطة وعند مباشرته عمله، وحتى حين يصرح للصحافة.
السوداني باغت الجميع, في الداخل والخارج, بسلوك سياسي مبني على كيفية استثمار الفرصة ومن ثم العمل على توظيفها، لكي تصب في مجرى المصلحة العامة في الداخل, وقاعدة المصالح المشتركة في الخارج.
لم يفكر السوداني في كيفية خلق التوازن بين الداخل والخارج لكي لايختل, بل بدأ يتصرف وفقا لمنهاجه وبرنامجه طبقا لخطة وقناعات وأولويات.
ولو كان قد اشتغل بطريقة التوازن المسبق في العلاقة بين هذا الطرف أو ذاك في الداخل، سواء كانت هذه الأطراف مؤيدة له أم غير مؤيدة، حيث كثيرا ما تنقلب الموازين وتتغير المعادلات لما تمكن من ضبط الإيقاع, لأن العمل طبقا لسياسة الإرضاء لن يجدي نفعا ولن يؤدي إلى أي إنجاز ملموس.
ولو كان عمل بنفس النهج على صعيد السياسة الخارجية بحيث ينطلق أي موقف من عدم إزعاج هذا الطرف الإقليمي على حساب ذاك أو العكس, والأمر نفسه ينطبق على صعيد الفاعلين الدوليين لما كان قد حقق أي تقدم على أي من الجبهتين الإقليمية والدولية.
هل كان السوداني محظوظا عندما التقط الفرصة المناسبة في التعامل مع ملف السياسة الخارجية وفقا لوصفه المعروف «الدبلوماسية المنتجة» أم كان ما أتبعه نهج أراد من خلاله العمل طبقا لمصلحة بلاده في المرتبة الأولى؟.
أيا كانت الإجابة فإن النتائج على صعيد التحولات الإقليمية والدولية الأخيرة، ومنها المصالحات التاريخية في المنطقة وعودة العلاقات بين بعض دول المنطقة أشقاء وأصدقاء وتبريد بعض جبهات المواجهة يجعل مما قام به رئيس الوزراء عبر زيارات مدعمة بإتفاقيات ومذكرات تفاهم أو ماقد يقوم به مستقبلا يصب في استثمار ما يترتب على كل ذلك من فرص, كما يضع قاعدة صلبة في علاقات العراق الخارجية الإقليمية والدولية.
فالعراق من الدول الفاعلة في المنطقة وكانت لعبت دورا في تبريد بعض جبهات المواجهة التي كانت ساخنة وهو ما يجعله ساحة مناسبة للقاء بعد أن كان يوصف بأنه ساحة لتصفية الحسابات.
كما أن العراق الذي هو بالدرجة الأولى سوق واعدة بإمكانه عبر سياسة إستثمار الفرص المناسبة أن يجعل الكثير من مخرجات التحولات الإقليمية والدولية تصب في مصلحته السياسية والاقتصادية أولا وقبل كل شيء.