شهد الغانم
يقدم تسليع المرأة رؤية جسدية لكيان المرأة وجوهرها، على أنه وسيلة للجذب والربح المادي المضمون والمتاجرة بالمحتوى المراد طرحه -أياً كان نوعه-، وهذا ما تقوم به شركات الإعلان والدعاية، ومحال الصياغة
وشركات التغذية والاستهلاك، وكذلك معرض السيارات والسجائر، ومعامل التنظيف والصابون، ومختلف البضائع منذ قديم الزمن وحتى يومنا هذا. إن هذه الصورة النمطية المدروسة قولبت المراة في اطار العرض والطلب، شأنها شأن أي بضاعة يود التاجر تصريفها بسهولة ويسر، دون ادنى اهتمام لهذا الكيان والصرح العظيم الذي خلقه الله متكافئا مع الرجل، رغم أن المرأة اليوم صارت اقوى واكثر قابلية على الإنتاج والقيادة في شتى ميادين الحياة والعلوم والمعرفة؛ لذلك فمن غير المنطقي استغلالها بهذه الصورة الضيقة التي تحصر جسد المرأة كعامل جذب للترويج عن منتج معين!، بل من المشين إظهارها كبضاعة يتم مصادرتها وبيعها وشرائها حسب الطلب. وأن المشين في الامر أيضا، باننا لا نرى رادع سلطوي يمنع استغلال المرأة بهكذا طريقة مبتذلة ومختزلة لجسدها، بل على النقيض نرى تكتما إعلاميا واضحا تجاه هكذا ظواهر تعيدنا إلى زمن الرقيق الابيض، والذي يحوّل المرأة من عفيفة طاهرة إلى مهانة وذليلة.
ما نحن أمامه، لم يعد أمرا يمكن التغاضي عنه؛ لأن مردوده وانعكاساته خطيرة للغاية، وبخاصة إذا تطلعنا إلى الإمام قليلا فان المرأة قد تصبح قانعة بانها ((شيء))، وأن المجتمع يعاملها كوسيلة للربح؛ فمن المؤكد أن الغضب والبُغض والقلق والاكتئاب سيطالها، وبالتالي يغدو من الصعب تعاملها مع هذا المجتمع والانخراط فيه، ناهيك عن الاضرار النفسية والجسدية، وعدم الشعور بالامان، الذي سيستنزف طاقتها ويصرف ذهنها عن الانتاج المثمر في شتى ميادين الحياة، وبذلك سينعكس هذا التاثير على المجتمع والدولة ككل.
ومن هنا ربما تكون هذه دعوة أو اشارة إلى التعامل مع حواء على أنها كيان مشاطر للرجل، ويكمل أحدهما الاخر، ويسعى كل منهما إلى اداء دوره في بيناء الإنسان وترتيب مقومات المجتمع، والابتعاد عن استعمال المرأة كجسد يتلذذ به مالكو الثراء، وحاصدو المبيعات