بغداد: هدى العزاوي
أثار إقرار مجلس النواب للتعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية، جدلاً بين مختلف القوى السياسية، بين مؤيد وداعم يرى فيه عاملاً من عوامل استقرار العملية السياسية وإنجاز مشاريع القوانين الكبيرة من دون خلافات، وأنه يرسخ مفهوم التعاون والتفاهم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ورافض للتعديل يرى فيه تهميشاً وإقصاءً للقوى السياسية المستقلة والصغيرة.
واستعراضاً لآراء الطرف المؤيد لتعديل القانون، يقول عضو "ائتلاف إدارة الدولة" مؤيد السهلاني: إن "استقرار العراق يأتي من خلال وجود قوى سياسية فاعلة تصنع القرار وسط إجراءات وتفاهمات بسيطة من دون خلافات".
من جهته، أكد النائب عن "الإطار التنسيقي" ثائر الكتاب، أن "البرلمان سعى للتصويت على قانون ونظام انتخابي يخدم العراق في المرحلة الحالية التي يمر بها". وبين أن "تعدد الآراء المختلفة دفع باتجاه الذهاب نحو نظام (سانت ليغو) من أجل الابتعاد عن انتخابات تخدم خواطر شخصيات معينة قد تكون أفكارها خاطئة لا تخدم العملية السياسية في البلاد"، بحسب تعبيره.
بدوره، أفاد النائب عن "الإطار التنسيقي" بهاء الدين النوري في حديث لـ"وكالة الأنباء الفرنسية"، بأن كتلته تدعم القانون لأنه "يعتمد على توزيع المقاعد بين الكتل بحسب ثقلها الجماهيري، ما سيؤدي بالمحصلة إلى تشكيل الحكومة ضمن التوقيتات الدستورية، وبالتالي تفادي المفاوضات الطويلة كما حصل في أعقاب انتخابات عام 2021".
ويعتمد التعديل الثالث الذي أقره مجلس النواب؛ نظام (سانت ليغو) بقاسم انتخابي 7/1، الذي تتم بموجبه الانتخابات في المحافظة الواحدة بوصفها "دائرة واحدة" بعد أن كانت "دوائر متعددة" في انتخابات 2021.
في مقابل الآراء المؤيدة للتعديل، يقول عضو لجنة النزاهة النيابية، النائب هادي السلامي، في حديث لـ"الصباح": إن "قادة الرأي المجتمعي وكذلك المرجعية الدينية العليا يقفون مع (الدوائر المتعددة)"، مبيناً أن "الأحزاب الحاكمة الحالية لا تمثل سوى 3 % من الشعب العراقي، ولذلك ترى المشاركة ضعيفة في الانتخابات".
ونوّه بأن "الاستقرار الاجتماعي والسياسي يأتي من خلال الاستماع للشعب والمرجعية الدينية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام"، عادّاً "إقرار القانون وفق نظام (سانت ليغو) بأنه سيؤدي إلى ضعف المشاركة والتزوير في الانتخابات"، على حد قول السلامي.
من جانبه، بيّن المتحدث باسم كتلة "الجيل الجديد" النائب ريبوار ارحمن، في حديث لـ"الصباح": أن "احترام النظام الداخلي للبرلمان أمر ضروري سواء كان يتعلق بالأغلبية أو الأقلية، إلا أن هناك قوانين ذات أبعاد وطنية ومهمة جداً للعملية السياسية والتقدم الديمقراطي كموضوع قانون الانتخابات". وأضاف "لذلك كان على الأغلبية احترام آراء الأقلية ومشاركتهم في عملية كتابة وتعديل هذا القانون الجديد، وكان على مجلس النواب وفق النظام الداخلي سماع آراء الكتل الناشئة وتلبية بعض مطالبها لإنجاز قانون أكثر نضجاً لخدمة العملية الديمقراطية".
إلى ذلك، أشار المحلل في الشأن السياسي الدولي، الدكتور حيدر سلمان، في حديث لـ"الصباح": إلى أن "تمرير قانون التعديل الجديد كان بأغلبية نيابية، ويبدو أن التيار الصدري ليست له مشاركة كمعارض أو معلّق على الأمر، خاصة أن هذا القانون يكرس تواجد الكبار، فكلما كبر حجم الكتلة تضاعف حجمها على أساس 7.1 ثم 3، ثم 5 ثم 7 ثم 9، وبالتالي فإن هذا سيخدم التيار الصدري أكثر من أية كتلة ثانية".
وفي ما يتعلق بالمشاركة الشعبية في الانتخابات وفق القانون الجديد، رأى سلمان أنه "من المبكر الحكم على ذلك، إلا أن من الواضح أنه سيكون هناك تحريض من قبل كتل المستقلين والكتل الصغيرة على عدم المشاركة كنوع من الاحتجاج، وسنشهد معارضة وعزوفا من الناخبين بشكل أكبر من السابق"، لكنه أشار إلى أن "موجة الاعتراضات والتحريض الحالية، لربما ستذوب تدريجياً بمرور الوقت إذا ما فازت الكتل المعترضة بمقاعد في
الانتخابات".
من جانبه، أوضح الخبير في شؤون الانتخابات، عادل اللامي في حديث لـ"الصباح": أن "هناك أكثر من طعن قدم للمحكمة الاتحادية بشأن عدم شرعية عقد جلسة يوم الاثنين في الساعة الرابعة من صباح يوم 20 آذار، في حين يشير جدول الأعمال إلى عقد الجلسة في يوم الأحد 19 آذار". وبشأن طريقة تخصيص المقاعد بحسب معادلة "سانت ليغو"، أكد اللامي أن "هذه الطريقة بكل أشكالها لا تمثّل شكلاً من أشكال العدالة، بل هي شكل من أشكال الجَوْر والظلم لأنها تسمح بكل الأحوال بفوز مرشحين بأصوات غيرهم ولا تسمح بفوز مرشحين حصلوا على أصوات حقيقية أكثر من الفائزين بأصوات غيرهم"، بحسب تعبيره.