هل سيكون ترامب غورباتشوف أميركا؟

آراء 2023/04/01
...

 علي لفتة سعيد


لم يكن أحد يتوقع أن يتفتت الاتحاد السوفيتي، الذي كان أحد قطبي الكرة الأرضية والقوة العظمى مع الولايات المتحدة الأميركية، حيث كان يرى العالم أن وجود القطبين يعني عدم هيمنة طرف على طرف، ورغم انبثاق دول عدم الانحياز، إلا أن هذه الدول كانت تجتمع وهي في أغلبها، اما مناصرة لهذه القوة أو تلك.. 


ولكن أميركا وبعد انتخاب رونالد ريغان ليكون رئيسا للولايات الأميركية، سعى إلى أن تكون قوّة الولايات متعاظمة، وكات حرب النجوم، ورغم أنه حاول ان يحصل على فترة رئاسية ثالثة، إلّا أن المؤسّسات الأميركية رفضت ذلك ولم يفعل شيئا.

لكن غورباتشوف التي أغرته جائزة نوبل للسلام وهو يدعو إلى ما أطلق عليه الاصلاحات، والتي بدات اي الاصلاحات بوادرها منذ عام 1985 لكن عام 1991 كان عاما مهما حين وقع على إمكانية أن تكون دول الاتحاد السوفيتي دولًا مستقلّة، وبالتالي انتهى عصر السوفييت والحزب الشيوعي كقطبٍ عالمي، وقوّة موجعة، وتكون أميركا هي القوة الوحيدة العظمى والتي أدت بعدها إلى انهيار يوغسلافيا وطعن كوبا، وحتى الصين التي انتبهت إلى ضرورة العماد على القوة الاقتصادية أكثر من أيّة قوّة 

أخرى. 

إن العالم كلّه يعرف هذه القصة ويعرف إلى ماذا أدّى هذا الإعلان أو التوقيع أو جائزة نوبل للسلام، التي حصل عليها غورباتشوف والى أين أدّى ذلك بعدها من تنامي القوة الأميركية. 

الجميع يدرك الأمر ولكن.. هل المتغيّرات الأميركية، التي يراها العالم وتمر بها أمريكا هي مشابهة لما مرّ به الاتحاد السوفيتي مع اختلاف الخطوات أو المؤامرات لو صحّ القول..؟. 

بل السؤال: هل دونالد ترامب سيكون ميخائيل غورباتشوف جديدا، وسيؤدّي إلى انتهاء عصر الولايات المتحدة الأميركية كقوّة عظمى؟

هل سيتسبب بتفتيت أميركا إلى دولٍ تسعى إلى أن تستقل، وربما تنتمي إلى محورٍ آخر كما فعلت دول الاتحاد السوفيتي، حينما انضمت إلى حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي، وحيث وجدت روسيا أنها ستبقى وحيدة وإن أوروبا أو تحديدا الناتو سيكون على أبوابها حين تدخل أوكرانيا في الحلف وتتسلّح بسلاح أميركا وأوروبا؟

هل سيكون ترامب المساهم الذي يدري أو لا يدري كما غورباتشوف مع الاختلاف في الطريقة والوسيلة والهدف، حين كان ذاك يسعى للإصلاح والتخلّص من الحرب الباردة التي تستنزف الأموال والعيال والجهد والعلم ليتوّج بجائزة نوبل للسلام.. في حين سيكون ترامب أمام تهوره والاعتماد على مؤيّديه وأعوانه ومناصريه، هو السبب الذي سيجعل الكثير من الولايات الأميركية، التي لا تريده رئيسا أن تسعى إلى الانفصال عن أميركا وتعلن الانفصال؟.

إن ترامب وهو يحاول تثوير مناصريه كلّما اشتد عليه الزمن والقانون، سيكون نقطةً أولى لأضعاف أميركا.. ومثلما جاء بعد غورباتشوف رئيس أضعف وهوبوريس يلتسن، وإن بدا قويّا، لكنه ساهم التوقيع، فإن أميركا ما بعد ترامب جاء بايدن، الذي تقول عنه المصادر الاستخباراتية ومراكز الاستطلاع أنه رجل كهل وينسى وضعيف وأن أولى خساراته الكبرى هي الانسحاب من افغانستان ومناصرته لأوكرانيا بشكلٍ قوي، وبالتالي فإن النقطة الثانية الأخرى التي سيعود فيها ترامب إلى السلطة تكاد تكون هي النقطة التي تتحول من نارٍ خامدةٍ إلى متوقّدة.. وإذا ما تمَّ اعتقاله لمخالفته القانون الأميركي، فان النار ستكون أكثر اشتعالا، خاصة أن النار التي تحت الرماد كانت قد بدأ النفخ فيها حين قام أنصاره باقتحام مقر الكونغرس الأميركي أثناء جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ للتصديق على فوز جو بايدن، لأنه كان يعد فوز خصمه مزوّرًا، ولذا فإن الانصار وهنا مصدر قوته، لا يرغبون بان تذهب السلطة إلى بايدن.. ورغم أن الاقتحام قد فشل، لكن ترامب لم يزل مصرًّا على الاستعانة بهم في كل ما يواجهه، وهو الذي جاء من خلفية تجارية أكثر منها حزبية وخلفية، لا نقول عنها عنصرية، بل هي تميل إلى الجنس الأبيض الخالص.

إن الأمور تكاد تبقي السؤال.. هل سيكون ترامب غورباتشوف آخر، أم الاعلان سيتأجل إلى حينٍ آخر، وينتظر يلتسن مشابها له، يأتي من سلالة ترامبوية ليتحقق الأمر؟.