الحوار كخارطة طريق

آراء 2023/04/02
...

  عباس الصباغ


(وجادلهم بالتي هي أحسن)، هكذا امر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم (عليه الصلاة والسلام)، ومنه لجميع الناس العقلاء باتخاذ اسلوب الجدال المرن ( براغماتية معتدلة)، وعدم غلق الابواب، ومن فوائد الحوار: الجلوس وجها لوجه أمام الطرف الآخر على طاولة الحوار وطرح نقلط الخلاف، ليفهم ذلك الطرف المناوئ المسألة، وليرسم خارطة طريق للعمل المشترك وتحديد المشكلة ازاءها بعد المناقشة والاستماع، وعدم فرض وجهة نظر على أخرى، وهذا هو الحوار البناء بعد طرح الثقة وتعزيز الوئام والمقبولية، ويخطئ من يظن أن الحوار يعد ضعفا أو جبنا أو نكوصا عن الثوابت والمبادئ، ولطالما أدرك المتخاصمون أنهم لو كانوا متفاهمين لاتخذوا طريقا وسطا أو انتهجوا سبيل الحوار والمجادلة بالتي هي احسن لتجنبوا الكثير من الكوارث والمآسي، فالحوار ليس فكرة طوباوية أو مخملية أو نرجسية مثالية، بل هي واقعية وعقلانية تحفظ لجميع الاطراف كرامتهم وحقوقهم دون تفريط أي حق أو غمط له.

وضمن المنهج الذي اتخذته حكومة السيد السوداني وسارت عليه، اضافة إلى اتباع سياسة التوازن وعدم التمحور مع اية جهة كانت، بل واتخاذ سياسة التفاهم (ومنه الحوار البناء)، حول نقاط الاختلاف وعد التهور مع الجهات، التي تسبب أضرارا بالعراق، فصار معروفا أن سياسة تركيا غير المسؤولة واللامنصفة والعدائية المبيتة تجاه العراق، باستخدام اسلوب ليّ الذراع والإظماء، فهي سياسة عوجاء ولم تعد مقبولة في العلاقات الدولية وبين دول الجوار خاصة، ولا تتفق مع أبسط المعايير والاعراف الدولية، لاسيما ان العراق تربطه مع تركيا علاقات تاريخية طويلة جدا وروابط جيو سياسية وتاريخية لا تنكر. 

تركيا قد لمست أن سياسة العراق تختلف عن السياسة العدوانية وغير المنضبطة، التي كان يتبعها النظام الديكتاتوري السابق وسياسة الحكومات المتعاقبة غير الناضجة، فقد تغير الوضع تماما الآن وسياسة حكومة العراق تختلف عن ديماغوجيا الماضي، فهي منفتحة تماما عن طريق التشاور (الحوار)، وترى أنه السبيل الامثل للتفاهم وانتزاع الحقوق ليس عن طريق القوة أو الضغط، لأن ملف المياه من اخطر الملفات التي تؤثر سلبا في الامن القومي للبلد.

وكانت زيارة رئيس الوزراء إلى تركيا وبحثه ازمة المياه وكما قال  ضمن هذا المبدأ، الذي يرتكز على حل الخلافات، استنادا إلى منهجية الحوار المتعقل الذي يغلب المصلحة ويعلي من شأن التعاون بين الجيران، وسنركز في مباحثاتنا مع الجانب التركي على تعزيز العلاقات العراقية – التركية في جميع المجالات. 

ومن يتابع مجريات زيارة السوداني إلى تركيا والنتائج، التي تمخضت عنها يدرك صحة كلامنا بتفعيل البراغماتية الهادئة، في وقت طالب فيه البعض باستخدام السلاح وشتان ما بين الاثنين، حيث تم التوصل إلى بحث ملف المياه بواسطة لجان مشتركة بين الطرفين لتأمين حصص عادلة من المياه، على خلفية الحوار الذي جرى بين السوداني والمسؤولين الاتراك. 

وان كنا غير واثقين من «جدية» الجانب التركي.