أغلى من النفط وأشياء اخرى

آراء 2023/04/02
...

 جواد العطار

 

زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى تركيا كانت مثمرة وفي وقتها، لعدة اسباب منها: الحاجة إلى تعزيز التعاون الثنائي مع دول الجوار أولا؛. التنسيق بشأن الملفات المشتركة الأمنية منها بالخصوص ثانيا؛. والاهم ثالثا؛ مناقشة موضوع المياه والأزمة التي يعانيها العراق، بسبب نقص الإمدادات القادمة من تركيا باعتبارها منبع نهري دجلة والفرات والجهة الاكثر الأهمية في تعزيز الواقع المائي، ومقاومة الجفاف والتصحر على مستوى الوسط والغرب والجنوب.

لكن هل أدت الزيارة الغاية الاساسية منها؟ وهل كان للعراق أوراقٌ وملفات تغير من الواقع للافضل وتضغط على الجارة لاحترام مبادئ حسن الجوار؟.

للأسف الزيارة لم تناقش مجالات التجارة والأمن والمياه بشكل فني تخصصي ينصف العراق على المدى القريب والبعيد، وهي الملفات المهمة والخطيرة، التي يمكن للمفاوض العراقي أن يناقشها مع الجانب التركي، باعتبار الاخير المستفيد الاول على عدة مستويات، منها:

- التجارة: فالتبادل التجاري يميل لصالح تركيا وبأرقام كبيرة جداً قاربت العشرين مليار دولار عام ٢٠٢٢، وهذه ورقة كان يمكن الضغط بها، لان العراق سوقٌ مهمة للبضائع التركية للقرب الجغرافي أولا؛ ومستوى التبادل الكبير والمجدي للصانع التركي ثانيا.

- الأمن: تركيا تصول وتجول وتنشئ قواعد في شمال العراق دون رادع، وتقوم بعمليات عسكرية كبيرة دون تنسيق مع الجانب العراقي، بما يخرق السيادة ويعرض حياة المواطنين العراقيين لخطر جسيم، وحدث إن سقط ضحايا اكثر من مرة نتيجة هذه العمليات، وتلك ورقة اخرى للضغط لم تستعمل بشكل مناسب.

- المياه: تركيا تخالف اتفاقية الامم المتحدة للدول المتشاطئة لعام ١٩٩٧ التي تنص المادة السابعة منها على مبدأ مهم وهو «تجنب احداث ضرر ذي شأن لدى دولة جارة عند استخدام أو تنفيذ مشاريع تتعلق بالموارد المائية المشتركة»، وهو ما تفعله تركيا تماما دون رادع أيضاً حتى قطعت المياه عن دجلة والفرات، وما زالت تنشئ مزيدا من السدود والمشاريع المائية والاروائية على اراضيها بما يضر بالعراق وحياة المواطن واصبح يهدد الحرث والحيوان 

والنسل.

عندما بدأت تركيا انشاء السدود بما يسمى مشروع الكاب ودخل التنفيذ الكبير نهاية ثمانينيات القرن الماضي، كنا نسمع أن الغاية من المشروع استبدال برميل ماء ببرميل نفط، واليوم مصداق لذلك الكلام عندما يقرر الرئيس التركي على هامش الزيارة بفتح المياه إلى نهر دجلة لمدة شهر واحد فقط في مقابل محاربة وطرد تنظيم «ألبي كا كا» من شمال العراق في تدخل يمس السيادة، رغم أن جريان المياه من دول المنبع حق مكفول للعراق دوليا على مدار العام... لكن على ما يبدو اصبح الماء سلعة مهمة للعراق ولمواطنيه، مثلما النفط مهم للاقتصاد، لكن ثمنه غالٍ.. أغلى من النفط وأشياء اخرى.