د. حميد طارش
لطالما تحدث فلاسفة كرة القدم (المدربين) عن تلك التفاصيل، التي تحقق الفوز على أرض الملعب، ويحلو للبعض منهم أن يعبر عنها بأنها تصنع الفارق.
ذكرني ذلك وانا أشاهد فيديو لرئيس مجلس الوزراء، وهو يتحدث عن جدوى الجهد والعمل وصرف الأموال، والمواطن الذي يأتي إلى بغداد يُبتلى بطابور على امتداد ستة كيلو مترات فيها كل ما يزعج النفس ويتعبها، إذ هي عبارة عن فوضى عارمة، تبدأ من مطبات الشارع التي تجعل حركة السير شبه واقفة وسط عاصفة الأتربة، التي لن تهدأ بسبب محاولة بعض السواق في الهروب من تلك المطبات إلى الطريق الترابي، الذي لن يمنحهم مبتغاهم بسبب الازدحام وانعدام الرؤية.
وهكذا يستغرق الأمر ساعات من العذاب يعيشها المواطن كي يدخل عاصمته الحبيبة!.
الأمر يمتد إلى تلك الازدحامات التي تنغص على المواطن فرصة أن ينعم بنزهة قصيرة، وأسوأ تلك الازدحامات، التي تكون باسم تأمين الحماية الأمنية له!، وأغلب العراقيين سافروا إلى معظم دول الجوار، ولم يشاهدوا عنصرا أمنيا واحدا يعترض الطريق، وربما تلك الدول هي أفضل أمنياً من العراق، فضلاً عن أنها لم تشوه خدمتها الأمنية بإرهاق المواطن على حساب راحته ورفاهيته ووقته.
اما الأمر في خدمة بعض الدوائر الرسمية التي يحتاجها المواطن، فما زالت معقدة ومربكة وغالباً ما يهرب منها المواطن مضحياً بحقوقه!، لكثرة المعاملات الورقية، وتعدد الموظفين الذين يضعون هوامشهم عليها، فضلاً عن صحة الصدور التي لم تلغَ على الرغم من إلغائها بموجب قرار سابق لمجلس الوزراء!، ونرى الدول التي تحترم مواطنيها قد اعتمدت الخدمة الالكترونية في تلبية حاجاتهم، وهذا لا يقتصر على رفاهية المواطن وانما منع الفساد بشقيه المالي والإداري.
أذكر في عام (2014) مع استلام الحكومة لمهامها آنذاك، انطلقت عملية تبسيط الإجراءات الحكومية لكنها للأسف لم تستمر وتوقفت دون تحقيق نتائجها.
الأمر لا يتوقف على الحكومة فحسب وانما المؤسسات العامة وموظفيها، بل وحتى المواطنين، فالمواطن الأغنى في المنطقة عندما يستلم راتب الرعاية الاجتماعية والسلة الغذائية يشوه ويصادر جدوى ذلك العمل الإنساني التضامني.
وعودة على بدء، الأموال مخصصة بحسب الموازنة والموظف يقضي طيلة نهاره في العمل، بل وبعضهم يصطحب عمله معه إلى البيت، لكن جدواها ونتيجتها ونجاحها يكمن في راحة المواطن ورفاهيته واحترام كرامته.