د. مجيد حميد العزاوي
بعد إصدار قانون الشركات رقم ( 21 ) لسنة 1997 وتعديلاته قامت الحكومة في حينها بتأسيس شركات مساهمة مختلطة في القطاع السياحي، اي الفنادق والمنشآت السياحيه الأخرى وكانت مساهمة الحكومه لا تتعدى نسبة ( 49 % )، بينما القطاع الخاص تكون له حصة (51 % ) وذلك لإعطاء الفرصة للقطاع الخاص، بإدارة هذه الفنادق والمنشآت السياحية عن طريق مجالس الادارات، على أن تكون هذه التجربة لمدة سنة، ويعاد تقييم هذا النشاط، وما حصل من خلال تجربتي في مجالس ادارة الشركات، ممثلا عن هيئة السياحة أن تراجعت هذه الشركات تراجعا كبيرا، وبدأت ملامح الفشل في ادارة هذه الفنادق والمنشآت السياحية، والابتعاد عن معايير الإدارة الفندقيَّة المحترفة والمهنية، وبعد أن سيطرت مجموعة قليلة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال على مجالس الادارات، وبدأ الانحدار في مستويات التشغيل لهذه الفنادق والمنشآت السياحية، حتى وصلت الآن إلى درجة أن تحولت إلى مكاتب للعقار لأنها أجرت كل شيء، المطاعم والمسابح ومواقف السيارات، وكل ما له علاقة من خدمات وتسهيلات، كان من الأجدى أن تكون ضمن التسهيلات، التي يقدمها الفندق أو المنشآت السياحية، وقد أثقلت هذه الفنادق والمنشآت السياحية، بالديون والعجز المالي، ووصل قسم منها إلى حافة الانهيار وذلك للأسباب التالية:
1 - تقاطع مصالح القطاع العام مع القطاع الخاص.
2 - غياب الرؤية الستراتيجية في تسويق المنتوج الفندقي.
3 - ندرة الآطر المهنية والمتخصصة العاملة في هذه الفنادق والمنشآت السياحية.
4 - غياب الصيانة الدورية والسنوية لهذه الفنادق والمنشآت السياحية، حتى أصبحت معطلة في كثير من امكانياتها.
5 - سيطرة مجموعة أصحاب رؤوس الاموال على القرارات، واكثرهم غير ملم بعمل هذه الفنادق أو المنشآت السياحية.
وتراجع العمل الفندقي تراجما كبيرا من ناحية الخدمات لأنه لا يحكم تصنيف هذه الفنادق ضمن التصنيف الخاص بدرجات الخمس نجوم أو الاربع نجوم , ولا بأس أن يكون لمجالس الإدرارات مستشارون فندقيون، وهذا ماتفعله الشركات المساهمة العالمية، إلا أن هذه المجالس لم تعيّن ولا مستشارا واحدا لما يعطي الرأي الفني وهذا ما لمسناه في عمل هذه المجلس.
إن الحل الأمثل لإنقاذ ما يحكم انقاذه لهذه الفنادق والمنشآت السياحية، هي أن تقدم الحكومة بإعادة ملكية هذه الفنادق والشركات السياحية إلى هيأة السياحة، بعد تعويض المساهمين عن أسهمهم بالسعر الحالي للسوق، وعرض هذه الفنادق والمنشآت السياحية إلى الاستثمار والادارة، عن طريق شركات إدارة عربية وعالمية وإعادة صيانة هذه المنشآت السياحية، وتحويل (دائرة المرافق السياحية) في هيئة السياحة إلى شركة قابضة، وهذا ما يدعم الايرادات لهيأة السياحة، كونها تعتمد التمويل الذاتي، وهذا يساعدها على تغطية نفقاتها وتطوير نشاطها أسوة (بالتجربة المصرية)، حيث إن (شركة المشروعات السياحية/ شركة قابضة) في مصر، لديها ما يقرب من ( 35 ) فندقا ومنشأة سياحية تدار من قبل شركات إداره عربية وعالمية, وحدثت حادثة المدينة السياحية في الحبانية، بعد أن أرجعتها الحكومة إلى ملكية هيأة السياحة، ما أدى إلى إنقاذ هذا المشروع، وبث الروح فيه، وذلك لفشل القطاع الخاص في ادارة مثل هذه المشاريع, وفي هذه الحالة تحقق نهضة فندقية كبيرة، وتعيد الحياة لهذه الفنادق ومغادرة القطاع المختلط , أنا لا أدعو إلى تجميد القطاع الخاص، ويمكن للقطاع الخاص انشاء شركات فندقية وسياحية مساهمة خاصة، على أن تقوم الحكومة بمنحهم الأرض، لإحياء المنافسة بين القطاع العام والخاص, وأكبر مثال على ذلك بروز فندق شامخ في بغداد اسمه (قلب العالم)، أسسه رجل الاعمال العراقي (عبدالله الجبوري)، وسيكون هذا الفندق منافسا كبيرا لفنادق العاصمة، بعد منحه الإداره لشركة فندقية عالمية.
إن هذا الطريق هو الطريق الإمثل لإنقاذ هذه المشاريع من الفشل الذريع الذي تعانيه والله من وراء القصد.