أمانة العاصمة في قفص الاتهام

آراء 2023/04/05
...

 د.علي كريم خضير


 قد يكون لأمانة العاصمة في ما مضى أثرٌ كبيرٌ على جمالية العاصمة بغداد وهي تؤدي دورها باستحقاق وامتياز حقيقي، لكننا نجد اليوم أنَّ أداءها أصبح حلقةً فارغة من أي فحوى. 

ولسنا نشير إلى هذا الإخفاق بدافع سياسي، أو هو ضربٌ من ضروب المصلحة الخاصَّة، وإنَّما من أجل تدارك المصلحة العامة التي أصبحت عند بعض الناس أمرٌ في مهبِّ الريح. 

وربَّ سائلٍ يسأل: أين هو دور المؤسسات الحكومية الأخرى كي يكون أداء أمانة العاصمة مضطلعاً بما هو أكبر؟

وللإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نكون حياديين في تشخيص النجاح من عدمهِ، وأن تكون أحكامنا موضوعيةً وبعيدةً عن مقتضيات الهوى لنقول: إنَّ كثيراً من الوزارات والهيئات العامة التي تعرَّضت إلى انتقادات الرأي العام قد قدَّمت نشاطاً ملموساً، وأحدثت تغييراتٍ في مجال عملها، وبسبب ظروف خارجة عن ارادتها أخفقت هنا وهناك، لكنها في نهاية المطاف قد جاءت لنا بجديد. 

ومن الجدير بالذكر أنَّ هذا الجديد لا يقتصر على النواحي النظرية، بل يتعدى ذلك إلى المجالات العلمية والعملية في مواكبة العصر والوقوف على تطوراته المستمرة.

 وعلى الرغم من أنَّ الأمانة قد حُددت مسؤولياتها في نطاق ضيق بخلاف غيرها من المؤسسات الحكومية، لأنَّها مسؤولة بالدرجة الأساس عن جمالية العاصمة العمراني والخدمي، والتوزيع الحضري للسكان، إلَّا إنَّها بعيدة كلَّ البعد عن ذلك بتخلِّيها عن اختصاصاتها الطبيعية وركونها إلى الدِّعة والكسل والتماهي، وعدم توافرها على الاختصاصات المهنية التي تقوم بأدائها وفقاً لما هو مطلوب، وأعتقد أنَّ العقود المنصرمة القريبة تُثبت هذا الأدِّعاء وتؤكِّده بخلو العاصمة من أيِّ مَعْلَمٍ حضاري كنَّا نتمنى أن تكون رائدةً في إعداده والعمل عليه، ولعل الشاهد الأبرز على فشلها كان في تأهيل مشروع قناة الجيش ومارافقهُ من حقائق ومعطيات أثبتها استجواب البرلمان العراقي لأمين العاصمة حينذاك بتقصيرهِ 

وإقالته. 

وإذا كانت الأمانة تتحجج بالظروف الأمنية وآثارها السلبية في الواقع عامةً، أو تغيرات البنية الإجتماعية بعد عام 2003م، فإنَّ ذلك يُعدُّ حجَّة ضعيفة على هذا النكوص الظاهر في الأداء، بل هو أمرٌ عامٌّ وشامل استهدف مفاصل الدولة برمتِّها فخرجت منه كليمةً، لكنَّها لفظت جراحها واستنهضت قواها من جديد، فمتى تقوى أمانة العاصمة على ذلك؟، ومتى نرى بغدادنا مهوى الزمان وقبلةَ الوفَّادِ؟