عبدالزهرة محمد الهنداوي
لعلها المرة الاولى التي يشهد فيها العراق، الاعلان عن موازنة امدها ثلاث سنوات، من 2023 لغاية 2025، ويأتي الاعلان عن الموازنة الثلاثية، بعد أن مرّ عام 2022 من دون موازنة، وسبقه في هذا الحال نظيراه 2014 و2020، لذلك فأن تكون لدينا موازنة بثلاث سنوات، من شأنها أن تجنّب البلاد والعباد، الوقوع في جُب الخلافات السياسية، التي لطالما تسببت بغياب الموازنات السنوية أو ادّت إلى تأخيرها لعدة اشهر، وعندما نتحدث عن الموازنة الثلاثية، فانها هي الاخرى ما زالت في غياهب مجلس النواب، ولا احد يعلم متى ستُقر، وفي اي شهر من السنة ستشهد النور، وهل ستمضي ثلاثية كما اقرتها الحكومة، أم تعود بسنة واحدة، بعد ان تعالت الكثير من الاصوات، الرافضة، لان تكون لثلاث سنوات، بداعي حالة اللا يقين التي يشهدها الاقتصاد العراقي، وضبابية المشهد العالمي.
وبين هذا وذاك، تبقى قضية تأمين الغذاء هي القضية الاهم ضمن أولويات الموازنة، سواء موازنة هذا العام، أو السنوات المقبلة، وذلك لعدة اسباب، أول هذه الاسباب، ما يشهده العالم من ارتفاع ملحوظ في الاسعار، ناتج عن قلة المعروض في الاسواق العالمية، وما تقوم به الصين من اجراءات في هذا المجال، فضلا عن تداعيات الحرب الروسية، التي دخلت عامها الثاني، ولا توجد اي بوادر لنهايتها، وقد تسببت تلك الحرب في تراجع كميات القمح المتداولة في الاسواق العالمية، ذلك لأن البلدين المتحاربين، يمثلان اكثر البلدان انتاجا وتوريدا للقمح والذرة على مستوى العالم، يضاف لكل ما ذُكر من عوامل عالمية ذات تأثير مباشر على الامن الغذائي، عامل التغيرات المناخية الحادة، التي بدأت تلقي بظلالها القاتمة على الكثير من البلدان، ما دفع العديد من تلك الدول إلى التفكير المعمّق والبحث الجاد، عن اجراءات وسياسات لمواجهة هذه التغيرات، وابرز ما تمخض عن هذه السياسات، هو التوجه نحو الطاقة النظيفة، وايجاد بدائل حقيقة للنفط، ولأن العراق اكثر البلدان تأثراً بهذه التغيرات، المتمثلة بارتفاع درجات الحرارة، وشح المياه، واتساع ظاهرة التصحر، ولانه يعتمد في اقتصاده بنسبة كبيرة على النفط، في ظل ظهور قراءات لخبراء يشيرون فيها إلى أن العام المقبل سيشهد انخفاضا في اسعار النفط إلى ما دون الـ(60 دولارا) للبرميل، فمن المؤكد أن وضعا مثل هذا سيحرج الموازنة، المحمّلة باثقال كبيرة، تنوء بها بسبب ضخامة الانفاق التشغيلي والاستهلاكي، ولذلك فإن الامر يستدعي التفكير بآليات المعالجة لمواجهة مثل هذا التحدي، الذي سيظهر في العام المقبل، ومَن يدري، فربما يستمر طويلا، وفي مثل هذه الحال، فان الامر الاول الذي يتطلب تأمينه هو الغذاء، وقطعا توجد الكثير من الحلول والمعالجات، لمواجهة هذه الظروف، وفعلا بدأت الحكومة باتخاذ مجموعة من الاجراءات لدعم الزراعة، وتشجيع الفلاحين على استخدام الممكنة والاساليب الزراعية الحديثة، وما تسعى اليه لضمان توفر المياه التي تسهم في زيادة المساحات المزروعة، كما أن الحال يقتضي الذهاب باتجاه زيادة نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية، كالصناعة والسياحة، والضرائب، وغيرها، وقد بدأنا نلمس زيادة هذه المساهمة، التي وصلت إلى 17 ترليون دينار في موازنة 2023. ضرائب جديدة في موازنة العراق.. كيف تنعكس على حياة المواطنين.