ريسان الخزعلي
غالباً ما توصف أية حالة اقتصادية غريبة يمرُّ بها بلد ما بأنها أزمة اقتصادية.
والأزمة الاقتصادية تتعرّض لها الأنظمة الاشتراكية والرأسمالية على السواء.
وتختلف الحلول التي تُعالج الأزمة من نظام إلى آخر وفقاً للفكر والتأسيس اللذين يقوم عليهما كل من هذين النظامين.
وعند حصول أية أزمة اقتصادية يتم اللجوء إلى قرار استثنائي بتشكيل لجنة أو فريق عمل من ذوي الخبرة والاختصاص، لإدارة الأزمة بصلاحيات استثنائية لغرض الاسراع بإيجاد الحلول الناجعة.
إنَّ لمعنى الأزمة الاقتصادية مفهومين كما جاء في أدبيات علماء الاقتصاد والموسوعات السياسية.
المفهوم الأول هو ما يتم تداوله في اللغات الدارجة والتداول الشفاهي، إذ يُقصد بالأزمة الاقتصادية في هذا المفهوم؛ ما يمر به اقتصاد بلدٍ ما من كساد يكون مصحوباً بركود وضعف حركة البيع والشراء وانخفاض في الانتاج القومي وتدهّور في الأسعار وتزايد في البطالة.
أما المفهوم الثاني وهو المفهوم العلمي الدقيق للأزمة في علم الاقتصاد والذي يُشير إلى أنها أي الأزمة، ترتبط (بالدورات الاقتصادية) التي يمر بها حتماً الاقتصاد الرأسمالي، وأنها هي نقطة التحوّل التي ينقلب عندها النشاط الاقتصادي من مرحلة التوسّع الدوري إلى مرحلة انخفاضيّة تتميز بالركود وبالبطالة والانكماش.
والأزمة قد ترتبط بحادث معيّن يلفت الأنظار بقوّة، مثل الانهيار العنيف في التعامل في بورصة الأوراق المالية في الولايات المتحدة في أزمة سنة 1929 التي تلاها ركود الثلاثينيات المشهور.
وقد كان ذلك الانهيار يُمثّل أضخم أزمة اقتصادية شهدها النظام الرأسمالي على طول تاريخه، وتُعرف بالانهيار الاقتصادي العظيم.
وقد وصل الانهيار إلى درجة أن بلغت بالدولارات 15 مليار دولار حتى نهاية العام، وهو رقم كبير في حينه.
ووصلت الخسائر في الأرصدة والودائع خلال سنوات الأزمة، أي حتى سنة 1931 ما يصل إلى 50 مليار دولار، وانتحر خلالها آلاف الأفراد نتيجة إشهار الإفلاس، وقد تأثرت اقتصاديات كل دول العالم الرأسمالي بالأزمة.
وبعد الدراسة والتحليل، كان الاستنتاج بأنَّ السبب يعود إلى ما يُعرف بالدورة الاقتصادية في النظام الرأسمالي الذي يتعرّض لأزمات دورية حادّة، ولكن هذه الأزمة بالذات بلغت هذا الحد من الضخامة نتيجة الصراع الحاد، وعجز النظم والقوانين القائمة، وانهيار القيَم وانتشار الفساد.
إنَّ الأزمة الاقتصادية التي يمر بها بلدنا الآن، والتي من مظاهرها تراجع الزراعة والصناعة والسياحة والتجارة والاستثمار وتذبذب سعر الدولار، تستوجب أكثر من وقفة علمية اقتصادية وإدارة أزمة من طرازٍ كفوء.