هو الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ثاني أئمة الشيعة، ومدة إمامته 10 سنين (40 - 50 هـ)، حيث تولى الخلافة لفترة طالت نحو 7 أشهر.
الحسن بن علي الولد الأول للإمام علي (ع) وفاطمة الزهراء، والسبط الأكبر للنبي "ص"، وذكرت الأخبار أنَّ النبي "ص" سمّاه حسناً، وكان يحبّه كثيراً. عاش سبع سنين مع النبي"ص"، وشارك في بيعة الرضوان، وحضر مع أهل البيت في المباهلة مع نصارى نجران.
لم ترد معلومات كثيرة عن حياته في عهد الخليفة الأول والثاني، إلا أن عمر عيّنه كشاهد على الشورى السداسية لتعيين الخليفة الثالث، وفي فترة خلافة الإمام علي عليه السلام رافقه إلى الكوفة، وكان أحد قادة جيشه في معركتَي الجمل وصفين.
تولى الحسن بن علي (ع) الإمامة في 21 رمضان سنة 40 هـ بعد استشهاد الإمام علي (ع)، وبايعه في اليوم نفسه أكثر من أربعين ألف شخص، لكنَّ معاوية رفض خلافته، وسيّر جيشاً نحو العراق، فوجّه الإمام عسكراً بقيادة عبيد الله بن عباس لمواجهته، وذهب هو مع جيشٍ آخر من جماعته إلى ساباط، وسعى معاوية على بث الإشاعات بين جيش الإمام الحسن (ع)؛ ليوفر الأرضية والأجواء المناسبة للصلح، وفي هذه الظروف تعرّض الإمام الحسن (ع) للاغتيال فجُرح، ونُقل إلى المدائن للعلاج، وتزامناً مع هذه الأحداث، بعث جماعة من رؤساء الكوفة رسائل إلی معاوية، وواعدوه أنْ يسلموا الحسن بن علي إليه أو يقتلوه، فأرسل معاوية رسائل الكوفيين إلى الحسن بن علي (ع)، واقترح عليه الصلح. وقَبِل الإمام الصلح مع معاوية، وسلّم الحكم إليه على أنْ يعمل بكتاب الله وسنة رسوله، ولا يعيّن خلفاً لنفسه، ويضمن الأمان للناس وخاصة شيعة الإمام علي (ع)، لكنَّ معاوية لم يف بهذه الشروط، ولقد استاء بعض أصحابه من هذا الصلح، وأعربوا عن رفضهم له بوصفهم الإمام الحسن (ع) بـ"مذل المؤمنين".
وبعد أنْ وقّع الإمام الصلح مع معاوية رجع سنة 41 هـ إلى المدينة، وبقي هناك حتى آخر عمره، وكان يحظى بالمرجعية العلمية في المدينة.
وعندما أراد معاوية أنْ يأخذ البيعة لولده يزيد أرسل إلى جعدة بنت الأشعث زوجة الإمام الحسن (ع) مئة ألف درهم، لتدسّ إليه السم، فنفّذت الأمر، واستشهد على أثر ذلك السم، واستناداً إلى بعض الأخبار أنَّ الإمام الحسن (ع) أوصى أن يُدفن عند قبر النبي (ص)، لكنَّ مروان بن الحكم وعدداً من بني أمية بقيادة عائشة بنت أبي بكر منعوا ذلك، فدُفن في مقبرة البقيع.
وقد روت المصادر الكثير من فضائل الإمام الحسن (ع)، فقد كان أحد أصحاب الكساء الذين نزلت فيهم آية التطهير، والذين تعتقد الشيعة بعصمتهم، فضلاً عن آية الإطعام، وآية المودة، وآية المباهلة اللواتي نزلن في حقه وحق أمه وأبيه وأخيه، وقد أنفق الإمام مرتین جميع أمواله في سبيل الله، وثلاث مرات شاطر أمواله مع الفقراء والمحتاجين، وبناء على هذا لقّب بـ"كريم أهل البيت"، وذكرت الروايات أنه (ع) ذهب إلى الحج عشرين أو خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه.
الإمامة
تولى الإمام الحسن (ع) الإمامة في 21 من شهر رمضان سنة 40 هـ بعد استشهاد أبيه الإمام علي (ع)، وبقي في منصبه عشر سنين، وذكر الشيخ الكليني (وفاة 329 هـ) في الكافي الروايات التي تنص على إمامة الحسن بن علي، وورد في رواية أنَّ الإمام علي (ع) جمع أولاده وكبار شيعته قبل استشهاده، ودفع للإمام الحسن (ع) الكتاب والسلاح مصرحاً إلى أنَّ ذلك كان وصية من النبي (ص)، وورد في خبر آخر أنَّ الإمام علي (ع) حينما توجه إلى الكوفة أودع بعض ودائع الإمامة عند أم سلمة، وعندما رجع الإمام الحسن من الكوفة دفعتها إليه، وذكر الشيخ المفيد (وفاة 413 هـ) في كتاب الإرشاد أن الحسن وصيّ أبيه على أولاده وأصحابه، وقد استدل على إمامة الحسن بن علي (ع) أيضاً بحديث النبي (ص): "ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا".
أقام الإمام الحسن (ع) في الكوفة الشهور الأولى من فترة إمامته، وكان المتولي لمنصب الخلافة، وبعد أنْ سلّم الحكم لمعاوية بعد إبرام الصلح انتقل إلى المدينة، وبقي فيها حتى آخر عمره.
خلافته القصیرة
كان الإمام الحسن (ع) خليفة للمسلمين نحو ستة إلى ثمانية أشهر، بداية من 21 رمضان سنة 40 هـ، ثم تم تسليم الحكم إلى معاوية في 25 ربيع الأول، أو ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة 41 هـ. واعتبر أهل السنة - استنادا إلى حديث رووا عن النبي (ص)- أن الحسن آخر الخلفاء الراشدين، كما أن خلافته بدأت مع بيعة أهل العراق والبلاد المجاورة لها، وقد رفض أهل الشام بقيادة معاوية هذه الخلافة، فأعدّ معاوية جيشاً للحرب، وتوجه به من الشام إلى العراق، وانتهت الحرب بالصلح وتسليم الحكم إلى معاوية، وقد صار به معاوية أول حاكم أموي.
بيعة المسلمين ومخالفة أهل الشام
ذكرت المصادر أن الناس بايعت الإمام الحسن بن علي (ع) بالخلافة بعد استشهاد أمير المؤمنين، وذلك سنة 40 هـ، وذكر البلاذري (وفاة 279 هـ) أنَّ عبيد الله بن عباس خطب بالناس بعد دفن الإمام علي (ع)، ونعى لهم استشهاد الإمام، وقال: إن إلامام " قد ترك خلفا رضيا مباركا حليما" فإن أحببتم فبايعوه.
وورد في كتاب الإرشاد أن الحسن بن علي خطب في الناس صباح يوم الجمعة 21 رمضان، وذكر لهم فضائل ومناقب أبيه مؤكداً على قرابته من الرسول (ص)، مستدلاً بآيات من القرآن نزلت في حق أهل البيت (ع)، ثم قام من بعده عبد الله بن عباس، ووجه كلامه إلى الناس أن يبايعوا ابن نبيهم ووصي إمامهم، فبادر الناس إلى مبايعته، وذكر أن عدد المبايعين بلغ أربعين ألف شخص، وكان أول من بايع الإمام الحسن هو قائد جيش الإمام علي (ع) قيس بن سعد بن عبادة.
وذكر حسين محمد جعفري في كتابه (التشيع في مسير التاريخ) أن معظم أصحاب النبي (ص) الذين سكنوا الكوفة بعد تأسيسها أو قدموا إليها في فترة خلافة الإمام علي (ع) بايعوا الإمام الحسن (ع) أو قبلوا خلافته، ويعتقد جعفري بناء على بعض القرائن أنَّ أهالي مكة والمدينة كانوا قد قبلوا خلافته، كما أنَّ أهل العراق اعتبروا الحسن هو الخيار الوحيد لهذا المنصب، ويضيف جعفري أن أهل اليمن وفارس كانت لهم موافقة ضمنية أو على الأقل لم يعارضوه في هذا الأمر.