محمد حسن الساعدي
منذ تشكيل الحكومة الحالية برئاسة السيد محمد شياع السوداني في تشرين الأول من العام الماضي، وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر، وتبنت هذه الحكومة أولويات وضعتها في مقدمة برامجها، وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي تقوم بها الحكومة، إلا أن هناك بعض الأولويات التي من شانها أن تضع النقاط على الحروف في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي.
إن من أبرز التحديات التي تواجه الدولة العراقية هو التحدي الاقتصادي، والذي يكمن في طريقة معالجة البنى الاقتصادية للدولة من جانب، وتحمل المسؤولية التنفيذية في معالجة هذا الإخفاق من جانب آخر، فعلى الجميع تحمل المسؤولية في مواجهة التحديث الاقتصادي الخطير، الذي يتماشى مع الزيادة السكانية الكبيرة، إضافة إلى شح الموارد الطبيعية، والتي من أبرزها الجفاف والتصحر والتغير المناخي والأزمات الاقتصادية المتوالية التي يعانيها العالم اليوم.
المسؤولية لا تقع فقط على الجهاز التنفيذي، بل هي مسؤولية مشتركة بين جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والتي ينبغي على الجميع التكاتف وإعطاء الأولوية القصوى في مواجهة هذا التحدي، الذي يمس مستقبل أجيالنا وقوت الشعب العراقي، كما أن أمام هذه التحديات ينبغي أن تكون هناك رؤية اقتصادية واضحة، وخطوات إصلاحية جريئة، إذ لا يمكن أن تكون هناك خطوات إصلاحية، ما لم يكن هناك دعم وتعاون مجتمعي يعي أهمية التحدي الاقتصادي وخطورته المستقبلية على البلاد.
نشر الوعي بين أبناء الشعب العراقي ومشاركته في الرؤية الستراتيجية، لأي خطوة إصلاحيَّة بنيوية من شأنه أن يقطع الطريق أمام المتربصين والمتصيدين، إلى جانب تحديد أسقف زمنية واضحة المسؤولية بنسب الإنجاز لأي مشروع أو خطوة إصلاحية لمؤسسات الدولة، كما ينبغي مصارحة الشعب العراقي عن أي ملف يمس حياته اليومية، وأولها الملف الكهربائي والذي ينبغي أن يعرف الجميع متى نصل إلى محلة الاكتفاء الذاتي من إنتاج الطاقة الكهربائية، وغيرها من مشاريع هي بمساس بحيلة المواطن العراقي.
التحدي الآخر الذي يقف عائقاً أمام الحكومة، هو العمل الجاد والمضني، من أجل إرساء وتدعيم قواعد الاستقرار السياسي في البلاد، حيث استطاع العراق أن يتجاوز ظرفاً صعباً بالغ التعقيد، خصوصاً نحن نستذكر الذكرى العشرين في تأسيس النظام الديمقراطي الاتحادي الفيدرالي في العراق، ونمتلك تجرية سياسية التي تستند إلى الإرادة الشعبية الواعية، إضافة إلى الوضع الإقليمي الساند والداعم للتجربة الديمقراطية الجديدة، ويأتي هذا الاستقرار من خلال الوقوف على قراءة الدستور العراقي من جديد وإجراء التعديلات المطلوبة، التي تتسق والمرحلة، وتشريع القوانين المهمة، والتي من أبرزها (قانون النفط والغاز، وقانون المحكمة الاتحادية، وقانون المجلس الاتحادي، وإيجاد الحلول الناجعة للخلافات بين الإقليم والمركز.
تقوية مؤسسات الدولة، وإبراز دور القضاء ودوره المهم في حل الخلافات، والتي ساهمت في إيجاد الأرضية المناسبة للتفاهم والحوار، كما ينبغي إبعاد المؤسسة العسكرية والأمنية بجميع صنوفها عن أي تجاذبات سياسية، وعدم السماح لأي جهة سياسية بالتدخل في عملها، إضافة إلى إيجاد خطاب موحد وواعٍ ووطني مسؤول، يسهم في تعزيز الثقة بين المواطن والدولة، ويضع يده على نقاط الضعف ومواطن الخلل من أجل معالجتها.
مواصلة الانفتاح العراقي على الوضع الإقليمي والدولي، وتعزیز المشتركات والمصالح المتبادلة، إذ لابد من الحفاظ على المنجز السیاسي المتحقق على الصعید الإقلیمي والدولي في الانفتاح والتواصل مع الجمیع، وتعزیز ذلك بمزید من الحرص والتفاعل والشراكة المتبادلة مع دول المنطقة.
يبقى الشيء المهم هو الوقوف بوجه الظواهر الثقافية السلبية، التي تريد النيل من المعتقد العراقي،وتحارب الموروث الذي تعشقت به الروح العراقية، لأن هذه الظواهر من شأنها أن تهدد أواصر المجتمع العراقي وتماسك الأسرة العراقية، حيث باتت تجارة المخدرات، والانحدار القیمي في السلوك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خطراً یزید على خطر الإرهاب وداعش، فهناك من یستهدف أمن بلدنا ویعرض شعبنا إلى الضیاع والانحدار نحو الهاوية.