بغداد: هدى العزاوي
لن ينسى الشعب العراقي اللحظات الأولى من هذا اليوم 9 نيسان، فقبل 20 عاماً وتحديداً في سنة 2003، استفاق العالم على المحطة الفارقة في العراق والمنطقة المتمثلة بسقوط أبشع نظام دكتاتوري عرفه التاريخ، وبرغم التحديات الكبرى التي واجهت العراقيين منذ أفول النظام الساقط، وتنصل الولايات المتحدة التي أسقطته من تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية في المساعدة ببناء البلد وبرغم موجات الإرهاب والفساد ومحاولات تدمير الدولة، إلا أن خبراء سياسيين رأوا أن آفاق المستقبل ستكون بصالح العراق
وشعبه وفق عدة شروط.
وقال المحلل في الشأن السياسي، واثق الجابري، في حديث لـ”الصباح”: إنه “لم يكن مفاجئاً للمراقبين المدة القصيرة لعملية غزو العراق من قبل القوات الأميركية التي استغرقت 20 يوماً فقط، فقد أنهك الحصار الجائر طيلة 13 عاما البلد وما سبقه من حرب مدمرة شاركت فيها أكثر من 33 دولة وما خلفته من تحطيم للاقتصاد والبنى التحتية والإنسان العراقي قبل ذلك”، مبيناً أن “كل ذلك وما أعقبه من حرب 2003 أسهم بنكبة وكارثة اقتصادية وعسكرية وأمنية واجتماعية للعراق، جعله هدفاً للإرهاب وغيره”.
وأكد أن “الولايات المتحدة الأميركية تتحمل حالة الإرباك الداخلي في العراق باعتبارها هي التي وضعت هندسة النظام السياسي بتفاصيله كافة، إلا أن النظام السياسي العراقي - برغم كل العوائق والمطبات - فهو يوصف بالمريض الذي يتجه نحو التعافي ويؤسس لديمقراطية تتنامى برغم تعدديته المكوناتية والتعددية الحزبية المفرطة”.
وأكد أنه “بعد 20 عاماً من الغزو الأميركي ومع المتغيرات الإقليمية، بدأت المنطقة تأخذ بالنصائح العراقية التي لا ترى لأحد من مصلحة في الحروب والخلافات، فكان العراق منطلقاً لخفض التوترات الإقليمية وجسرا للتواصل في حل الخلافات وبذلك يبدو أن النظام السياسي في العراق أكثر استقراراً من غيره إقليمياً وهو الدولة الأكثر نمواً ستراتيجياً على المستوى السياسي والاقتصادي”.
من جانبه، بيّن السياسي المستقل، عمر الناصر، في حديث لـ”الصباح”: أنه “لا يمكن المقارنة بين (الدكتاتورية والحصار والحروب العبثية وعزلة العراق الإقليمية والدولية) و(الإرهاب والفساد)”، مستدركاً: “لكن لا يعني هذا أن الأخيرين أقل وطأة وأكثر مقبولية، أو أن صورتهما أفضل بالمقارنة مع ما ذكر أعلاه، ولكن بالإمكان كبح جماح الفساد والإرهاب من خلال تحقيق الإرادة السياسية وبالإمكان الذهاب إليها وتحقيقها إذا ما كانت الرؤى والمشتركات بين توابل المطبخ السياسي متجانسة وغير مختلفة”.
وأكد، أن “الوقوف على أرض رمادية رملية تتماهى فيها الرؤى وغير واضحة المعالم، من تقرير مصير الدفاع عن مشروع بناء الدولة والانتماء لمؤسساتها لا للرموز؛ هو أمر غير منطقي وتنصل من المسؤولية الوطنية والأخلاقية، لأن الديموقراطية في العراق - على الرغم من السلبيات والملاحظات الكثيرة بشأنها - إلا أنها باعتقادي من أفضل الديمقراطيات بين دول المنطقة برغم التحديات الموجودة بعد مرور عقدين من التغيير”.
وتساءل الناصر: “هل ستدافع الأغلبية الصامتة عن موقفها من مشروع بناء دولة المؤسسات ومشاركة وتمكين المواطن في صنع القرار السياسي، أو ستستمر في صمت مطبق ولديها رأي آخر ربما سيزيد من أثقال وأعباء الأصوات التي تنادي
بالاعتدال والوسطية؟”.