باكستان في نفقٍ مظلم ٍمن الأزمات بعد عمران خان

آراء 2023/04/10
...

  هشام داوود

الهجمات الإرهابية على الحدود مع افغانستان والأزمة الاقتصادية وانخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي والازمات الدستورية ومشكلات حقوق الإنسان، فبعد عزل عمران خان العام الماضي وحجب الثقة عنه، وجد الباكستانيون أنفسهم ومعهم حكومتهم الائتلافية الجديدة بقيادة (شهباز شريف)، يغرقون في بحر من الازمات وإن إسلام أباد تحارب الفوضى على جبهات متعددة.

فعلى الصعيد السياسي خصوصاً عندما تم سحب الثقة من رئيس الوزراء عمران خان أثار ذلك أزمات سياسية كبيرة، نظراً لما يتمتع به خان من شعبية داخل باكستان، لذلك فإن حالة الفوضى وعدم الاستقرار أضرت بالنظام السياسي، وساعدت على خلق العديد من الأزمات الأخرى.

فالمسيرات الاحتجاجية التي قام بها عمران خان وانصاره (حركة الإنصاف الباكستانية) في جميع أنحاء المدن الرئيسية في باكستان والاشتباكات اللاحقة مع السلطات في وقت سابق مطلع العام الحالي، جعلت أجزاء من لاهور وإسلام أباد تبدو وكأنها مناطق حرب نشطة.

وهناك ازمة دستورية حيث اشتبكت المؤسسات الدستورية الباكستانية مع السلطة القضائية في البلاد، مدعية أن الأشخاص في تلك السلطات يضيقون الخناق على حريتهم ويعصون أوامرهم، اذ تواجه السلطة القضائية صراعات نظراً لوجود اختلاف في الآراء بين رئيس القضاة وقضاة المحكمة العليا الآخرين، وهذا الانقسام هو امتداد للخلافات بين الحكومتين السابقة والحالية، والذي انعكس على انصارهما.

اما في ما يخص الأزمة الاقتصادية، فلا تزال باكستان تعاني من أزمة كبيرة جداً، صحيح أن الأزمة الاقتصادية الحالية هذه ترجع وبشكل جزئي إلى الاضطرابات السياسية وحالة عدم الاستقرار، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تحل القضايا الاقتصادية عندما كانت أوضاع البلد جيدة ومستقرة.

وصندوق النقد الدولي لم يضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق مع باكستان وفرض شروطاً قاسية على الحكومة مما وضعها بين المطرقة والسندان مع اقتراب الانتخابات، ولا تزال الحركة الديمقراطية الشعبية بقيادة شريف في معضلة بشأن ما إذا كانت ستنفذ توصيات صندوق النقد الدولي، التي ستثقل كاهل المواطن الباكستاني العادي أو تستمر في تقديم إعانات للمزايا الانتخابية وتضر بالنمو الاقتصادي على المدى الطويل.

إن أسعار المواد الغذائية والغاز والنفط ارتفعت بشكل كبير، حيث بلغ التضخم 47٪، مسجلا رقما قياسيا، كما أن النقصان في احتياطيات النقد الأجنبي وانخفاض قيمة الروبية الباكستانية، مقابل الدولار الأمريكي إلى ما يقرب من 75٪ في عام واحد إلى تأخير تغيير النظام.

وتواجه باكستان أيضا عزلة دبلوماسية، حيث قامت كل من الصين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالحد من مساعداتها لإسلام أباد، بسبب عدم الاستقرار السياسي المتزايد، وبدورها خلقت العزلة هذه أزمة دبلوماسية لحكومة شهباز شريف.

اما أمنياً فإن صعود حركة (تحريك طالبان-باكستان) سياسياً عام 2021 ادت بالفعل إلى وقوع هجمات بلا هوادة، وفي بعض الأحيان تكون خطرة ومميتة على الجيش الباكستاني والشرطة الباكستانية وسط إشارات ومؤشرات عن وجود انشقاقات وانقسامات داخل المؤسسة العسكرية الباكستانية

وفي الوقت نفسه، تكثفت الهجمات على المؤسسة الأمنية، مع تصاعد الهجمات الإرهابية في العديد من المقاطعات، ولا تزال المشكلة قائمة بحيث إن الجيش ليس في وضع يسمح له بتوفير الأمن للانتخابات في عديد من المقاطعات، كما فعل في أعوام ماضية رغم وجود الإرهاب آنذاك، لكن اليوم ومع الأزمة الاقتصادية المستمرة وشروط صندوق النقد الدولي، صار الجيش الباكستاني هو الآخر تحت تأثير تلك الازمة.

وهناك أزمة أخيرة متمثلة في حقوق الإنسان، فالاشتباكات بين عمال ونشطاء المجتمع المدني من جهة، والجهات الحكومية من جهة أخرى وضعت باكستان في موقف سيئ دولياً. 

لذلك تحث المؤسسة الاعلامية فروعها في الخارج على التحدث إلى الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى حول أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، فقد كتب الرئيس الباكستاني عارف الرحمن علوي إلى رئيس الوزراء شريف مؤخرا، موضحاً خطورة حوادث انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع المزعومة التي ارتكبتها الشرطة من حيث الاستخدام المفرط للقوة ضد المواطنين الباكستانيين.

يمكن القول إن باكستان أضحت مضيغة بين أنياب ذئاب طالبان، وإن حلفاء الامس تخلوا عنها بشكل مفاجئ وصادم، فالحليف القديم السعودية قد غادرت مرحلة ضخ الأموال وأن أسباب هذا الضخ لم تعد من أولوياتها، والحليف الجديد الصين لم يفِ بوعوده من حيث الدعم المالي مع باكستان، خصوصاً أن الفترة الأخيرة شهدت تقارباً هو الأول من نوعه بعد أكثر من خمسة عقود مع إيران، كل هذا أدى إلى أن يكون وضع باكستان المتعطشة للدعم المادي، خصوصاً بعد كوارث الفيضانات والأزمات آنفة الذكر صار مشابهاً لوضع كل من سريلانكا وبنغلاديش.

فهل ينبغي على الحكومة العراقية أن تعيد النظر بعلاقاتها العسكرية مع باكستان، خصوصاً بما يتعلق بشراء الطائرات الباكستانية المقاتلة؟

وماذا سيكون موقف حكومة العراق إن وقعت باكستان تحت حكم طالبان مثل جارتها أفغانستان؟.