آفة المحمول المسكوت عنها

آراء 2023/04/10
...

 طالب سعدون


تحذير نقل عن مخترع الهاتف المحمول (النقال) المهندس الامريكي (مارتن كوبر) قال فيه إن هذه الاجهزة التي ابتكرها باتت تطرح مشكلة وهي أن الناس يمضون الكثير من الوقت في استخدامها.. ويتساءل.. هل فقد الناس عقولهم؟!..

وكشف مسح ميداني عام 2019 أن هناك عددا كبيرا من الموظفين يستغلون ما بين ساعتين إلى ثلاث من عملهم في هواتفهم، بحيث أصبح الهاتف يشكل آفة خطيرة في مؤسسات الدولة على حد تعبير أحد المسؤولين..

والكثير يسأل ايضا.. لماذا هذا الاستخدام المفرط الذي يتعدى في تأثيره السلبي حدود الشخص إلى دائرة أوسع ربما تؤثر في بلاد باكملها ويعطل مصالح الناس وأعمالهم ويؤثر في حياتهم..

ويرى المتخصصون من أن هذه الأجهزة باتت تشكل مصدرا لامراض خاصة بها، لم تكن معروفة من قبل مثل حالة الادمان عليها أو ما يطلق عليه الاطباء النفسيون (النوموفوبيا) وهو رهاب فقدان الهاتف المحمول أو عدم القدرة على إستخدامه ومن أعراضه أن الشخص المصاب يتصفح جهازه كل 15 دقيقة ويتأكد 150 مرة في اليوم من أنه بجانبه أو يضعه تحت وسادته ويتفقده اثناء الاستيقاظ.. الخ من أعراض لو دقننا النظر لوجدنا أن الكثير منا مصاب بها بلا وعي أو إرادة، ويمكن أن نعرف ذلك ببساطة من خلال عدد الساعات التي نصرفها على الهاتف النقال، بحيث لا نستطيع أن نمضي يوما كاملا بدونه وحالة القلق التي تعتري الشخص عند نفاد الشحن أو عدم وجود شبكة تغطية في المكان..

 وعلى الرغم من أهمية الهاتف المحمول في الكثير من مفاصل الحياة اليومية وبعض حلقات العمل لكنه قد يتسبب في مشاكل كثيرة في العمل وفي مقدمتها قلة الانتاجية لذلك يمنع استخدامه في العمل، وهناك وظائف معينة لا يسمح اطلاقا استخدام الهاتف فيها مثل (مربية الاطفال) على حد ما نقلت صحيفة ديلي ميل وتجار التجزئة، الذين يطلبون منهم وضع هواتفهم في خزائن خاصة اثناء العمل وموظفي المقهى في المكتبة البريطانية، كما أن هناك شركات معينة تشترط على المتقدم للعمل فيها ألا يكون من مستخدمي الهاتف المحمول.. كما تمنع معظم الشركات العالمية استخدام الهاتف لاغراض المحادثة أو المخاطبات الهاتفية أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، احتراما للمراجع ووقت العمل وسعيها لتقديم افضل الخدمات، لأن العمل في المؤسسة سواء كانت عامة أو خاصة هو ملك عام، وليس شخصيا لذلك يمنع استخدامه اثناء الدوام الرسمي، لأي سبب كان ويعد عملا مشينا وغير حضاري يستفز المراجع الذي ينتظر انجاز عمله من قبل ذلك الموظف، الذي صرف جزءا من وقت العمل باستخدام هاتفه الجوال، ولذلك يحاسب المخالف ومثلما المؤسسة ملك عام كذلك الشارع ليس ملكا شخصيا، لذلك يمنع استخدام الهاتف اثناء القيادة واثناء اداء رجل المرور لواجبه في الشارع كذلك.. فلا يجوز تحت أي إعتبار شخصي مهما بلغت خطورته أن يستخدم الهاتف الجوال في الشارع اثناء عمله، فقد ترى أحدهم يستخدم الهاتف في يد ويؤشر لحركة السير والمرور بيد أخرى، أو يستخدم الهاتف تحت المظلة ويترك الشارع في حالة فوضى وازدحام إلى أن ينهي مكالمته..

ووصل الأمر في الكثير من الدول ومنها خليجية أن تمنع العاملين في بعض القطاعات المهمة ومنها القطاع الصحي استخدام الهاتف النقال، تلافيا لتسجيل أخطاء أثناء العمل من الطبيب أو الصيدلي أو الممرض أو موظف الاستقبال لانشغاله بالهاتف.

وعندها تكون ثورة التقنية في البلاد قد أتت أكلها في التقدم وتحقيق أهدافها في التطور والبناء والتنمية وخدمة الانسان، ومواكبة حركة العالم العلمية وليس للهو والتسلية وتأخير مصالح الناس وأعمالهم.