الموازنة الأكبر والأخطر

آراء 2023/04/12
...

 حسين رشيد


تدخل القوى السياسية في ائتلاف إدراة الدولة في اختبار جديد متمثل بإقرار الموازنة العامة للبلاد للسنوات (2023، 2024، 2025) ويبدو أنه تحدٍ كبير جدا، خاصة بعد وضع الموازنة في سلة اقرار عدد من القرارات مقدمة من قوى ادارة الدولة، وهذا ما يجعل الموازنة عرضة للمساومات، وهي المرة الاولى التي تحصل بعد نيسان 2003، فرقم الموازنة الكبير يسيل له لعاب الجميع. 

ومع ذاك التحدي يخشى الكثير من النواب من العجز المخطط في الموازنة وفقاً للمشروع الحكومي البالغ 64 تريليون دينار، ويطالبون بخفضه، تخوفا من انخفاض أسعار بيع النفط عالميا، وإن تم الاعتماد على تغطية العجز للسنة الحالية من الوفرة المالية، التي تركتها حكومة الكاظمي فكيف ستتم تغطية عجز السنتين الاخريتين في ظل تسارع الأحداث عالميا، وعدم وضوح اية رؤية بهذا الشأن، فضلا عن الإرباك الذي يحيط بالاقتصاد العراقي وغياب السياسة الاقتصادية واضحة المعالم. 

 المسودة الحكومية للموازنة العامة للسنوات الثلاث تحمل مبلغاً مالياً قدره 197 تريليونا و500 مليار دينار، منها 47 تريليونا للجانب الاستثماري و150 تريليون دينار إلى الجانب التشغيلي، ما يعني أن هذه الارقام 75% منها للجانب الاستهلاكي المتعلق بالرواتب والبطاقة التموينية و25% إلى الجانب الاستثماري المتعلق بالبناء والعمران، دون أن تكشف الحكومة عن موازنة كل سنة بشكلٍ منفرد، أي تقسيم مبلغ 197 ترليون دينار على السنوات الثلاث، والذي يبدو أن ثمة توجها الآن لإقرار موازنة السنة الحالية، وتقديم موازنة العام المقبل في تشرين الأول المقبل.

الحكومة أمام التزامات كبيرة وتنفيذ لوعود قطعتها أمام القوى السياسية والشعب، وتنفيذها يحتاج لأموال تحت الصرف، ومع المخاوف من محاولات عرقلة الموازنة سياسيا في البرلمان، ثمة مخاوف تغيير السياسية الأمريكية والتعاملات المالية، خاصة أن فارق سعر بيع الدولار ما زال بحدود 20 نمرة بين سعر الحكومة والسوق، وهذا تحدٍ امام البنك المركزي، الذي يعمل الآن تحت مراقبة صارمة ومتابعة من الخزينة الأمريكية والبنك الفيدرالي الأمريكي.

ثمة تباين واختلاف كبيران بين عمل الحكومة وتوجهها وبرنامجها والنفقات المرتفعة، من جهة وتقديرات الموازنة واعتماد سعر بيع النفط والواردات الأخرى، التي تدخل إلى الخزينة العامة، والمقدرة بحدود 5% نسبة كبيرة منها تطولها ايدي الفساد واللصوص، هذا التباين والاختلاف، قد يسببا إرباكا لعمل الحكومة في الأشهر الأخيرة من العام الحالي، الذي يفترض بالحكومة تقديم الحسابات الختامية للموازنة، مثلما يحتم عليها الإيفاء بكل الوعود وبوجه الخصوص تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل، وتأمين رواتب الموظفين الجدد، الذي يصل عددهم نحو 832,967 إلى حد الآن، بانتظار وزارات وهيئات اخرى تقدم اسماء اصحاب العقود والأجراء اليوميين، إضافة إلى توفير الفروقات والتعويضات الوظيفية.

وتكمن خطورتها في حجمها المالي، ومدتها الزمنية التي ربما تتقلص أو تكون كل سنة على حدة، عكس ما تريده الحكومة التي تأمل أن تتخلص من أزمة إقرار الموازنة السنوية ومن الضغوطات السياسية، وثمة خطورة في العجز وكيفية تعويضها، في حال تسبب أي حدث عالمي بإنخفاض أسعار النفط عالميا، والأخطر هو حجم الإنفاق الكبير في الواردات المالية، دون وضع أي بند يعمل على الإستفادة وإستثمار اي نسبة منها في إعادة الصناعة وتنشيط الزراعة، اللذين يبدوان أنهما بيد دول الجوار، التي أخذت على عاتقها ان تصنع وتزرع كل ما يحتاجه الشعب، الذي بات حبيس دائرة الصراعات والمخاوف، وتسرب اليأس إلى نسبة كبيرة منه نتيجة الخيبات بولادة عراق جديد بعد ازالة نظام البعث المقبور، لكن الخيبات توالت وارهاصات الولادة جاءت بعراق مشوه..