عن جائزة نوبل للتطبيع

آراء 2023/04/13
...

  عبدالزهرة محمد الهنداوي

قبل خمسة وسبعين عاما، احتل الصهاينة فلسطين، وعاصمتها القدس، لتتحول تلك الدولة الوادعة، من دولة عربية وجها ويدا ولسانا، إلى «دويلة» يهودية، ومنذ ذلك التاريخ والكيان المسخ الذي استولى على ارض فلسطين، يمارس دوره المرسوم كنصل سكين، وُضع في خاصرة أمة العرب،

 هذه الأمة التي عجزت تماما عن استخراج هذا النصل، لتبقى تتحمل الالم، بل لعلها تطبعت واعتادت على هذا الالم، فذهبت تبحث عن اعداءٍ مفترضين، غير هذا الكيان، ومع تقادم السنين، لم تعد قضية فلسطين، تمثل قضية العرب المركزية، بعد أن نجح الصهاينة تماما في اشغال كل بلد من بلاد العرب، بقضايا جانبية، ومشكلات مستدامة، لا تنتهي، ولعل هذه المشكلات هي التي دفعت العرب إلى السعي نحو التطبيع، تاركين خلف ظهورهم تلك اللاءات الثلاث التي اطلقوها في قمتهم النارية في الخرطوم، عام 1967، التي جاءت على اعتاب نكسة حزيران في ذلك العام، الذي شهد تمكن القوات الاسرائلية من احتلال أراضٍ جديدة لتضمها إلى «الكيان الصهيوني» فقد تمثلت النكسة بهزيمة كبيرة للعرب، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء.

ظاهريا، حاول العرب في قمة الخرطوم، الظهور بمظهر القوي القادر على رد اعتباره، فقالوا لا للصلح ولا للتفاوض، ولا اعتراف باسرائيل.

ولكن بعيد سنوات تلاشت تلك اللاءات، فذهب السادات إلى القدس، معلنا السلام مع اسرائيل فكانت اتفاقية كامب ديفيد الشهيرة عام 1978، وعلى اثرها مُنح السادات وبيغن جائزة نوبل للسلام!!، وعلى اثرها ايضا، شعرت «اسرائيل» بالأمان، بعد أن أخرجت مصر وهي اكبر دولة عربية، من الصف العربي، هذا الصف الذي أصبح ممزقا من الداخل وإن تظاهر بالتماسك والصلادة، فبعد كامب ديفيد، تغير الكثير من المسارات، حيث بدأ مصطلح «الكيان الصهيوني» يتراجع في بورصة التداول الاعلامي، ورويدا رويدا بدأ الاعلام العربي يستخدم مصطلح «اسرائيل» هذا المسمى الذي لم يعد يستفز المواطن العربي، فهذا المواطن صار منشغلا بقضاياه ومشكلات معيشته، وهو غير معني بما يحدث هناك في فلسطين، وتحت هذا الدخان الكثيف، الذي اثاره الصهاينة، تمكنوا من التوسع وقضم المزيد من الاراضي العربية، باستخدام كل ما لديهم من امكانات، يقتلون بدم بارد، ويهجرون الناس، ويهدمون البيوت، ويشيدون المستوطنات، بينما العرب، يبذلون ما لديهم من امكانات، للتطبيع مع اسرائيل، والاخيرة، هي صاحبة القرار، في قبول أو رفض التطبيع مع هذا البلد أو 

ذاك..

ووسط مشهد التطبيع والهرولة العربية نحو تل ابيب، يواصل الاسرائليون انتهاكاتهم الصارخة لكل ما هو مقدس، ففي الاسبوع الماضي اقتحمت قواتهم بيت المقدس، واعتقلت العديد من المصلين في باحة المسجد وهم يؤدون عباداتهم في شهر رمضان!، والاكثر صراخة من الفعل الاسرائيلي، هي ردة الفعل العربية، شديدة البرودة، وقطعا أن ماحدث في الاسبوع الماضي، لم يكن الاول من نوعه، ولن يكون الاخير، فطالما ان العرب، رفعوا دشاديشهم، ليشتركوا جميعا في مارثون التطبيع، فعلينا ان نتوقع من الصهاينة المزيد من الانتهاكات والتجاوزات، فهم في مأمن من اي ردود فعل غير محسوبة العواقب، فاغلب العرب، ماعادت «اسرائيل» تعنيهم، ولا هي عدوهم الاول، ولا فلسطين هي قضيتهم المركزية، فثمة اعداء غير «اسرائيل» وثمة قضايا كثر غير فلسطين، ولسان حالهم يقول لفلسطين رب يحميها! وما زلنا بانتظار اعلان الفائز بماراثون التطبيع، والفائز سيحظى بجائزة نوبل للتطبيع، لان جائزة نوبل للسلام أخذها السادات قبل 46 عاما!.