التعافي حاجة تنمويّة فاعلة

آراء 2023/04/15
...

 عصام كاظم جري

 لقد ذهبت الحكومات الحريصة إلى تحقيق التعافي، من خلال بناء مؤسسات خدميّة عامة تتيح للمواطنين برنامجا صحيا يؤدي إلى التعافي من ظاهرة أدمان المخدرات، ومن الآلام الجسديّة والنفسيّة، ومن الخسارة والفراق والضعف، فضلا عن ثقل الأسر الكبيرة، ومن الخروج عن الحسابات، ومن إثارة الغضب على أتفه الأشياء، ولا بد من تعافي المواطنين من الأحساس بالخيبة، ومن بعض الحالات الأخرى: كالحزن شديد، والضغط العصبي، والاكتئاب وهواجس التفكير الأخرى.

وجاءت كلمة «تعافى» بمعنى نال العافية، استعاد الصِّحَّة، بَرِئ وشُفي مِن مَرَض، أي بمعنى تعافى مريضٌ ما. نعم ممكن جدا التعافي من الاكتئاب وغيره بفتح أبواب الحكومة للناس ومشاركتهم الأفكار.. وإبداء الطرق الايجابيّة في التعامل مع مشكلاتهم، وهذا الفعل هو أحد أنواع التعافي. وقد يبدأ التعافي من الجهل باستثمار وقت الفراغ بالقراءة، ومن خلالها يتعلم المواطن مهارات عديدة، منها اللغة والاستعارة والمجاز، والكتابة الفنيّة، والاسهامات والمشاركة، والتعافي من الجهل لا يقف عند عمر معين، ولا يسمح لاستيلاء أي ظرف عسير يملأ فراغ المواطن. نحن نعرف قصصا كثيرة حققت للبعض دخلا ماديا، من خلال القراءة فمثلا (الاعمال اليدويّة). والترجمة، وأحيانا أخرى فن الطبخ. أو العمل في شركات تسوق، وغيرها.

لقد ذهب مفهوم البكاء كثيرا يأتي بالتعافي سريعا، لأن مشاعر البكاء والفرح والسعادة والسخط تبقى مكبوتة داخل النفس البشريّة، لذا على الإنسان أن يرفع هذه الفكرة من خياله. ويؤمن بالعلوم الصحيّة والصحة النفسيّة، وممكن التعافي من هواجس العاطفة بأدوات رومانسية قريبة على الروح، مثلا قراءة روايات الغرام، أو بمتابعة أفلام رومانسيّة، أو بكتابة خواطر وجدانيّة وذاتية. ومع كل ذلك يبقى النجاح عتبة أولى مرهونة بالتخطيط الدقيق، ويتحقق هذا النجاح من خلال الدراسات التنمويّة، لا سيما الإفادة من تجارب الدَّول الأخرى المعنية التي عملت على تعافي مجتمعاتها، وتستطيع أن تأخذ الحكومة بسهولة ويسر دور المُدّرب في تنمية الطاقات البشريّة. وتلهم أبناءها القوة والقدرة على الانفتاح أمام قنوات عديدة لتفعيل برنامج التعافي، وضبط السلوكيات. ولا ننسى أن التعافي النفسيّ أهم، لا سيما حين يدرك الإنسان أن للحكومة رغبة وإرادة صادقة لصناعة هذا الاستقرار، ويأخذ التعافي مساحات واسعة عندما يكتشف الإنسان أن الحكومة تسعى للتخفيف من الأعباء التي يحملها داخل نفسه، من خلال شحذ همتها وإرادتها لذلك التعافي، أما تجاهل هذه الأحمال والأمراض ليست حلا في خلق برنامج مؤسساتي، وبالعادة الإنسان وحده لا يستطيع مواجهة أعباء الحياة وأثقالها، لقد تعلّمنا بأن إدارة الدّولة هي الطب، والطبيب والتّطبيب الناجع، الذى لا عيب فيه ولا منة... وبالدعم المستمر للتعافي تنطلق رحلة التصالح الحقيقي بين المواطن والحكومة، لا بالشعارات والخطاب الإنشائي والتسمّيات، ومن هنا تستطيع ان تنهض فكرةُ التعافي بالطريقة التي ترسمها الحكومة والمواطن. وبالمجمل التعافي هو لحظة تحريك المياه الراكدة، ولا فائدة ترتجى من صراع الحكومات مع واقع ومستقبل أبنائها، فكل مواقف الحكومات الداعية إلى التعافي أو التجاهل لا تبرح عقول أبنائها.  وأغلب المشكلات التي يعاني منها المواطن أدواتها مركبة ومعقدة، ولكن الجزء الأكبر من هذه الادوات تقع حلحلتها على عاتق إدارة الحكومة. وأخيرا لا ننكر بأن العقل الجمعي المشترك يقف بالضد من الشعارات الإعلامية الفضفاضة لبعض الحكومات وعناوين مؤسساتها الهشة من 

الداخل.