تعزيز الهويَّة الوطنيَّة

آراء 2023/04/15
...

 وجدان عبدالعزيز

 

كما نعلم عاش العراق عقودا من المفاهيم والثقافات المستبدة التي لا تعير أي قيمة اعتبارية للإنسان، سواء كانت فكرية، أو غيرها، وتجسدت خير تجسيد في عهد الدكتاتور الأكبر صدام حسين، الذي ربط كل شيء في الحياة العراقية بمؤسسة القائد الأوحد وأصبحت ثقافة الإرهاب والتسلط والتعسف هي الغالبة، لكن في حقيقة الامر هناك مشتركات ترسختْ عبر تاريخ المعايشة والمواطنة بين العراقيين، فأي توافقات يجب انطلاقها من تلك المشتركات، أو الثوابت التي أصلا موجودة ومتجذرة في المجتمع، وأولها الالتزام بوحدة دولة العراق والحيلولة دون التماهي مع المشاريع الأجنبية، التي تتعارض مع وحدة وسيادة ومصالح العراق، وأضيف إليها القبول باستحقاقات العملية السياسية والنظام الديمقراطي الجديد، كجوهر لإنتاج السلطات وأساس لبناء الدولة وإدارة مؤسساتها على أساس من المواطنة ودولة المؤسسات، ومن ثم قبول جميع الأطراف برفض تجربة الحكم الدكتاتوري والإقصائي والتمييزي، كنهج لإدارة الدولة في أي وقت من الأوقات، واحترام حقوق الإنسان ومجمل الحريات السياسية والمدنية، وبالتالي نبذ العنف والتآمر والعدوان في حل المشكلات المجتمعية والسياسية، واعتماد الحوار والآليات الديمقراطية لإدارة الخلاف والصراع بعيداً عن الإحتكام إلى السلاح، والالتزام بالثوابت الدستورية والاستعداد لإجراء التعديلات الدستورية وفق الآليات التي نص عليها الدستورٍ.

ناهيك عن إدانة وتجريم ومحاربة الإرهاب بكل أشكاله والعنف والفساد الذي يستهدف العراقيين ومؤسسات الدولة وعدم إضفاء الشرعية، أو المشروعية من قبل جميع الأطراف على تلك الأعمال، والأهم الذي يضاف لعملية التوافق، هو القبول باستحقاق التعددية الدينية والقومية والمذهبية والسياسية على قاعدة المواطنة، كمنظومة الحقوق والواجبات المتكافئة بما يعزز الانتماء والولاء والهوية الوطنية، وعلى الدولة بكل سلطاتها، أن تعمل بروح التعاطي وتوظيف الاختلافات وتعزيز المشتركات والتحول من حالة الصراع والاحتقان إلى حالة الاتفاق وخلق انسجام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وجعل الدالة الوطنية والوطن هي العليا، ليحس المواطن بالأمان.. وهنا لا بد من اتباع خطوات، وهي ان تكون هناك ارادة جدية للانتقال بالتوافقات الوطنية من شعار إلى منهج وسلوك تصاحبه حملة اعلامية لتحضير الرأي العام لقبول الاخر، ومن ثم الرغبة في التنازل عن بعض الحقوق والامتيازات بصورة متبادلة من اجل تجاوز عقدة التشدد، والاستحقاقات المذهبية والطائفية والقومية، وبعدها القيام بعملية تحقيق العدالة الاجتماعية، لا سيما لمرحلة ما قبل سقوط النظام وخلق شعور بعدم وجود خاسر في مساحة الوطن.