حسين الذكر
تكاد تكون العلة العراقية منذ 2003 حتى الان متشابهة، بل واحدة في اغلب المؤسسات الحكومية وكذا الاهلية بمعزل عن الفوارق الشكلية هنا وهناك، إذ إن الازمة الحضارية تعد واحدة في المخرجات مفترضة الاتيان بكل ما هو جديد لصالح استنهاض قدرات الامة وقيادة المجتمع إلى واقع افضل. هذا الواقع (الافلاطوني) ليس طوباويا كما يعتقد البعض، لا سيما لبلد مثل العراق شكلت حضارة وادي الرافدين فيه قبل آلاف السنين منطلقا لغلب حضارات العالم.. اذ ولدت القوانين المنظمة للحياة ومنها تاسست المدن والاستقرار والتطور، ومن ثم الانطلاق إلى بقية بقاع المعمورة، لكن مشكلتنا ما زالت قائمة برغم اجراء عدد من الانتخابات على صعد نيابية أو مؤسساتية مدنية وحكومية مع تشريع القوانين الجديدة التي فرضها الواقع ومتطلبات الحياة بعد 2003. لكن العراقيين عامة لم يتحسسوا الكثير من التغيير الايجابي الذي يطمحون اليه.. وضحوا الأكثر من اجله خلال عقود خلت عبروا عنها بمختلف وسائلهم المتاحة، حتى تلك التي كان فيها الجود بالنفس أغلى غاية الجود. لكن العلة قائمة وهذه العلة ليست محصورة ضمن نطاق قوس في الرقعة الشطرنجية الخاصة، ببيادق ملف ثقافي أو اقتصادي أو رياضي أو فني أو امني وسياسي، فالجميع يعيش تحت الضغط حتى أولئك الذين يملكون رؤى وشهادات وتجارب، على مستوى الداخل وموثقة بالتفوق خارجيا، اذ لم يستطيعوا اثبات ذلك عراقيا لعدم وجود مستقر آمن خالٍ من الضغوطات. سئلت مرة عن أسباب تخلف الواقع الرياضي العراقي برغم صرف المليارات، وبما أن الملفات تنطلق أسبابها وكوامنها، فضلا عن علاجاتها من رحم واحد، فقلت: (لم تعد تنفع الانتخابات اذ ما تأتي به صناديق الاقتراع لا يخرج عن اطاره الوظيفي وتبديل اسم باسم. وكذا القوانين المشرعة حديثا وكنا نعول عليها، ركنت أو أفرغت من محتواها ومسببات التشريع، هكذا دواليك العلة قائمة بأغلب إن لم يكن بجميع المؤسسات ولا علاج ناجعا، الا عبر القوى المسيطرة على مصادر القوة أي تلك الأحزاب والكيانات والكتل التي ظهرت على السطح وهيمنت على الواقع، هذه القوى وحدها عليها أن تؤمن وتعلن رغبتها بالتغيير من خلال وسائل سلمية متاحة وعبر تغيير المناهج والعقليات والأساليب والاهداف الاستراتيجية، وليس بالوجوه فحسب).