محرقة مجمع الليث

آراء 2023/04/17
...

 د. حميد طارش


اغتيلت في تلك المحرقة فرحة الناس، وهم يستقبلون عيد الفطر في أحلى طقوسه، الّا وهو التبضع للعيد وشراء ملابس العيد، لم تلبس تلك الملابس وحرقت مع أجسادهم البريئة، كان مشهد الحريق مرّوعاً، فقد التهم أسرًا بأكملها، ويذكر لي أحد الناجين الذي ذهب إخراج سيارته من المرآب بغية أصطحاب عائلته إلى البيت، انه عاد وحيداً للبيت، وكان ألمه الأقسى يكمن في عدم تعرّفه على زوجته بينما تعرّف على طفليه، فسر ذلك، بعد أن تكرر المشهد مع غيره، بأن الأمهات احتضنن أطفالهن خوفاً عليهم من النار، ولم تصل تلك النار لهم الّا بعد تفحّمهن، هكذا حال الأم العراقية من ثكلى إلى رماد بعد  حرق.

لم تكن وحوش القرن الحادي والعشرين هي المسؤولة وحدها، بل شاركها للأسف، الحارس الذي سمح بوصول تلك السيارة إلى منطقة كرادة داخل، وإن لم يكن متعمداً فالأهمال جريمة يعاقب عليها القانون، وهذا ينطبق على البناية التي خلت من شروط ومستلزمات السلامة عند الحرائق التي نص عليها قانون الدفاع المدني رقم (44) لسنة (2013) وعاقب على عدم وجودها، أي ثلاثة أطراف يمكن أن تثبت مسؤوليتها، صاحب البناية وأمانة بغداد عند إنشاء البناية والدفاع المدني من حيث واجب الرقابة على وجودها، والسؤال الأهم هل شكلت تلك المأساة دافعاً للعمل والرقابة على وجود متطلبات السلامة، تحسباً لإنقاذ الضحايا عند الحرائق المقصودة وغير المقصودة، أم على العكس من ذلك، نرى سقوط عمارات دون 

حرائق!

واما السؤال الآخر الأهم، لماذا لم ينفذ حكم القضاء بالقاتل؟!، لقد ألقي عليه القبض بتاريخ (18/10/2021) وحكم عليه بالاعدام في (31/5/2022)، فهل حياته اسمى من تلك الحيوات البريئة؟ أم ماذا، والجميع يعلم بخطورة ذلك عندما هرب المجرمون من سجن أبي غريب وسجن بادوش، ألم يعد ذلك مخالفاً للدستور والقانون ومصادرة لجهد المؤسسات التي ألقت القبض عليه والقضاء الذي أصدر حكمه في الجريمة. 

لاتقولوا السبب رئيس الجمهورية لأنه لم يصبح رئيساً دون موافقة جميع القوى السياسية الحاكمة، وكان عليها أن تشترط ذلك بعد استمرار عدم المصادقة على الاحكام. 

لقد ظُلم الضحايا مرتين، الأولى عند وقوع الفعل الإجرامي، والثانية عندما مُنع تطبيق العدالة.