سعد العبيدي
قد يدافع الرئيس أو المحافظ عن قراراته في استخدام الصلاحية القانونية لمنح العطل في مناسبات، وغير مناسبات بينها المطر، وقد يرى الممنوح موظفاً كان أو طالباً أو أجيراً أو غيرهم في تلك العطل الممنوحة لهم عَرَضاً، فرصة للتمتع بمزيد من الراحة وتفادي الخوض في وحل
المطر.
ومهما تكن حجة المانح تعاطفاً مع معاناة الممنوح خوضاً في وحل الطريق، أو نقع البلل، وأي كانت المكاسب التي يعتقدها المانح من منحه العطل، فإن نفعها العام أقل كثيراً من مجموعة الضرر، التي تصيب البناء النفسي للدولة والانسان على حد سواء، خاصة بعد أن كثرت العطل في عراق بات العديد من باحثيه، وكتابه، والمتابعون يؤشرون لحصولها عدداً يصل إلى نصف أيام السنة، وإذا ما تجاوزنا الضرر المادي لكثر العطل حيث الخسارة الفادحة في كم الإنتاج، وسوء استخدام الوقت فإن الآثار النفسية لهذه العطل المتكررة كثيرة جداً، بينها الاصابة بداء الكسل، إذ وعندما لا يمارس الموظف وظيفته بوقع متكرر يكسل، وللكسل آثار تراكمية على الأداء والرضا وعلى نوع الإنتاج وكمه بعد معاودة العمل، كما أن كثرة العطل تقلل من القدرة على تحمل ضغوط باقي الأيام التي تصادف ماطرة بدرجة أقل، أو متربة أو حارة ولا تعطى فيها عطلة، لأن المعنيين تعودوا أخذ عطلة لا يبذلون فيها جهداً لتحمل مصاعبها الحاصلة، وبينها أن الكثرة تضعف الهمة، وتخل بالعلاقة المهنية بين الموظف وبين وظيفته، كذلك بين الجندي وبين وحدته، والضعف الأكثر سيكون في العلاقة الوطنية (المشاعر) بينهما جميعاً وبين الوطن والدولة، إذ في حال تكرار منح العطل عند تلبد الأجواء بالغيوم والأتربة، وفي المناسبات الدينية الخاصة سيثير استهزاء المتمتعين ونقدهم للسياسة والمهنة والعمل نوعاً من النقد والاستهزاء، يزحف تدريجيا إلى المشاعر ذات الصلة بالدولة والوطن، يضر بصورتهما، أضراراً ستحول دون بناء انسان يحتاجه الوضع القائم للبلاد قوياً صبوراً راضياً مؤمناً، وهذه هي الخسارة النفسية الأكبر.