التوافق الوطني بدلا من التوافق المكوناتي

آراء 2023/04/19
...

  ا. د. جاسم يونس الحريري


زرع ((بول بريمر)) الحاكم المدني لسلطة الاحتلال الأمريكي البغيض عام 2003 فايروس ((المحاصصة الطائفية والعرقية)) في الجسد السياسي العراقي، ونما هذا الفايروس وحمى نفسه، بالرغم من وجود هوية أعمق واشمل مما زرعها بريمر، وهي الهوية الوطنية العراقية التي تسمو على كل الهويات الفرعية، والمناطقية، والمذهبية، والجهوية، وهذا انعكس على مطالب القوى السياسية العاملة في العراق منذ 2003 ولحد الآن. فعند تفحص اي اتفاقات أو مطالب بين القوى السياسية بفروعها الثلاثة (السنية-الشيعية- الكردية)، فنرى كل فئة سياسية تحاول أن تكسب جمهورها، من خلال طرح والدفاع عن صيرورة اكتمال الاتفاقات السياسية بشروط تعجيزية، بدون حلول عملية والهدف هو كسب جمهور انتخابي للانتخابات النيابية القادمة عام 2025، وليس لأسباب تتعلق بمنفعة تخص فئة معينة فقط، وليس منفعة تفيد الشعب العراقي بأكمله أو لحل إشكالية سياسية أو ظاهرة عامة تؤثر في اللحمة الوطنية، ولهذا يكون الخطاب فئويا، وعرقيا، ومذهبيا، وهذا سيتيح (للمحاصصة الطائفية والعرقية) أن تنمو وأن تتكاثر أكثر وأكثر، رغم مظاهر الوحدة الوطنية العراقية التي يمتاز بها المجتمع العراقي.

واذا عكسنا الأمر على ما يجري في اروقة السياسة العراقية حول حالة الشد والجذب حول شروط اقرار الموازنة مقابل اصدار قانون العفو العام، فهذا الأمر يمكن حلّه من خلال الاحتكام إلى مايلي:-

اقرار قانون الموارنة: 

أعتقد ان اقرار الموازنة لثلاث سنوات قادمة (2023/ 2024/ 2025) لاعلاقة له بملفات المعتقلين والعفو العام، التي تبدو عليها جنبة قضائية، بينما الموازنة التي ترتبط بتنفيذ البرنامج الحكومي المركزي لحكومة السيد السوداني.

قانون العفو العام:

إن اقرار هذا القانون لا يتم عبر التصريحات الاستفزازية الإعلامية بين الكتل السياسية لكن يجب أن يتم عبر الآليات القضائية التالية:

انشاء خلية أزمة في وزارة العدل بالتعاون مع اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي.

وظيفة هذه الخلية إحصاء عدد الذين ما زالت ملفاتهم القضائية غير محسومة لحد الان بالرغم من وجودهم في التوقيف.

ج- إحصاء النزلاء المحسومة قضاياهم عبر صدور حكم قضائي من محكمة مختصة ولم يفرج عنهم لحد الان.

د- إرسال فرق إلى دور النزلاء في بغداد والمحافظات لأخذ طلبات من المحامين من موكليهم لإعادة محاكمتهم بعد موافقة المحكمة المختصة بذلك.

فإن الذي يثبت عليه الإدانة يأخذ حقه، ومن لم تثبت عليه الادانة يفرج عنه قضائيا، بعد عدم توفر الأدلة والقرائن بإدانته، ويدرج اسمه ضمن المشمولين بالعفو العام، وبذلك ستكون هناك معالجة قانونية اصولية عادلة للمشمولين بالعفو بعيدا عن استخدام ملفهم في الصراع بين الكتل السياسية، وعندها ستتحقق مصالح الشعب العراقى بأكمله وينتهي هذا الملف بروح وطنية وثابة وخالصة بدون نزاعات وانشقاقات سياسية خدمة لمصالح حزبية ضيقة.