بغداد : هدى العزاوي
برغم التفاؤل الأممي وبعده المحلي الحقوقي بعد صدور قانون الناجيات الإيزيديات لسنة 2021 بإنصاف هذه الشريحة المظلومة التي استباحت إنسانيتها عصابات الإرهاب، ومنحها جزءا من حقوقها، إلا أن العراقيل وتداخل الصلاحيات والإجراءات الروتينية تسببت في قنوط ويأس العشرات من الإيزيديات من إمكانية الحصول على حقوقهن المنصوصة بالقانون واستعادة جزء بسيط من الحياة لتعويض سنوات التهجير والقتل والقسوة، وبرغم توجيه مجلس القضاء الأعلى وجهات أخرى بحل المشاكل المتعلقة بتطبيق قانون الناجيات إلا أن الأمور مستمرة بالتعقيد في هذا الملف إلى اليوم.
في شهر شباط الماضي، وجّه رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، بحل "إشكالية" في تطبيق قانون الناجيات الإيزيديات، بأخذ إفاداتهن في المحاكم العراقية وفي محاكم الإقليم، وبرغم ذلك فالصعوبات مستمرة.
وقال الخبير في مجال حقوق الإنسان، الدكتور علي البياتي، في حديث لـ"الصباح": إن "واحدا من أخطاء تنفيذ قانون الناجيات الإيزيديات هو الخلط بين دور اللجنة المعنية بالمصادقة على ملفات الناجيات المطالبات بالتعويض، والمديرية العامة لشؤون الناجيات، فالأولى (اللجنة) تشكيل منوع من جميع مؤسسات الدولة فيها قضائي وتنفيذي ورقابي وظيفتها تسلم الطلبات والمصادقة عليها، بحسب المادة (10) من قانون رقم (8) لسنة 2021، أما الثانية (المديرية) فوظيفتها تنفيذ بنود التعويض وفق القانون والمتابعة (مادة 5)"، مبيناً أنه "حتى هذا اليوم لا توجد أي وسيلة تواصل بين الناجيات واللجنة، فلا يوجد موقع ولا بريد إلكتروني ولا مكتب واقعي أو موظف للاستعلام أو التواصل مع الناجين أو عوائلهم والإجابة على استفساراتهم".
وأوضح أن "ما حدث هو أن (المديرية) تبنت الموضوع، وهو خلط بين الوظيفتين ومخالفة للقانون، فلا توجد أي فقرة في القانون تعطيها هذه الصلاحيات سوى أن مدير المديرية ممثل في اللجنة كعضو ونائب رئيس اللجنة (مادة 10/أولاً/ب)، وهذا الخلط جعل من غير الممكن تنفيذ المادة (10/ثانياً) وهو أن تكون مدة المصادقة (90) يوما ليس أكثر من أجل الإسراع بالإجراءات وتعويض الناجيات وكذلك فتح المجال للطعن في حال رفض الطلب، لأن الطلبات لا تقدم للجنة لكي تكون ملزمة وإنما للمديرية التي لا أحد يعلم كم مدة معالجة الملفات فيها".
وأكد البياتي، أن "هناك أعدادا كبيرة من الناجيات قدمن للمديرية إلكترونياً أو بشكل مباشر قبل ستة أشهر، وحتى هذا اليوم لم تتم لا المصادقة ولا الرفض".
من جانبه، رأى مستشار اللجان البرلمانية، القانوني الدكتور هاتف الركابي، في حديث لـ"الصباح": أن "المُشرّع في الكثير من الأحيان ينسى ما يُشرّعه، لذلك عندما يصدر القانون هناك تعليمات تصدر تباعاً لتسهيل أحكامه، والمشكلة الكبيرة التي تحدث في العراق أنه غالباً ما تصدر القوانين بينما تأتي التعليمات متأخرة أو ناقصة أو قد لا تلبي الأسباب الموجبة التي طرح على إثرها القانون".
وأشار إلى أن "ضياع حقوق الناجيات الإيزيديات بين (الدائرة واللجنة) يأتي لعدم وضوح الصلاحيات وبعض بنود القانون، وأعتقد بأن على وزير العمل والشؤون الاجتماعية وضع التعليمات المناسبة لتسهيل أحكام تنفيذ القانون، خاصة أن الوزارة عجزت سابقاً عن إصدار تعليمات تلبي طموح الإيزيديات".
وبيّن الركابي أنه "غالباً ما يلجأ المُشرّع أو الدولة إلى عمل اللجان التي تضيع فيها الحقوق، منها لجان التعويضات واللجان المتعلقة بالإرهاب والتعويضات والنظام السابق وغيرها، ونجد الآلاف من الملفات العالقة لعدم وضوح التعليمات"، مطالباً رئيس الوزراء "بإصدار قرار بتعليمات شاملة وواضحة لقانون الناجيات لكي يتم تطبيقه بشكل واضح لا يقبل الاجتهاد في مورد النصوص أو السجال لتحقيق الهدف المرجو من هذا القانون والأسباب المتعلقة به".
وفي ختام حديثه، أكد الركابي أن "على رئيس مجلس الوزراء التدخل إما بإصدار تعليمات لتنفيذ أحكام هذا القانون بدلاً من الأحكام السابقة، أو يتم إصدار تعليمات جديدة تتضمن نصوصاً واضحة للعمل من أجل تسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون".
تحرير: محمد الأنصاري