متى أصبح طاووسًا عراقيَّا؟

آراء 2023/04/25
...

 نوزاد حسن


 لست معتادا على التغيير، لكني أعرف حجم الرغبة في أن تكون بغداد والبلد كله قطعة جميلة واحدة. لذا حين أشاهد صفا من الورد الأصفر على رصيف شارع أقول: زاد رصيدي كمواطن، وأفكر بدور للجميع في صناعة مدننا كلها.

اعترف أنني أشعر بخصوصيتي, وانتفش كطاووس برؤية حديقة جديدة مثلا. أسكرني كورنيش أبي نواس، الذي تم تأهيله بطول 500 متر.هذا يصيبني بنوع من السكر الشخصي الذي لا يلمحه أحد. وهناك في داخلي تنمو حاجتي لمزيد من التغيير. كنت أتمنى لو أن الأحزاب السياسية عقدت مع بعضها البعض ميثاقا روحيا، يقسمون به على بناء كل شيء بارادة مهندس ياباني لا يتعب.

كنت أحلم بتضامن جميع المكونات لبناء ما تهدم, طابوقة طابوقة كما يقال. على الأقل لإثبات دكتاتورية النظام, وعنترياته الفارغة. لكن شيئا حقيقيا لم يحدث على أرض الواقع. وكما جرب النظام السابق لعبة الحرب كهواية بعثية واجهنا شبحا آخر لعب بحياتنا وأعني بذلك الشبح: الفساد.

يبدو أن بناء بلد من جديد هو عمل صعب للغاية, لكن هل اكتشفت أنني كنت مبالغا في حلمي غير الواقعي, حلم رؤية بناء حياة جديدة. هل صحوت مؤخرا فاذا بي أجد طعم التجربة المر الذي ذاقه الملك فيصل الاول، وهو يخوض حرب بناء مملكة تخلصت للتو من حكم عثماني طويل؟ سأدع الاجابة عن هذين السؤالين. بافتتاح 500 متر في شارع أبي نواس صفقنا جميعا. وأنا أعرف سر فرحنا الكبير.الذين ذهبوا لرؤية التغير الجديد، والذين لم بذهبوا بعد, الكل يخفون امنية داخلية تتألف من هذه التفاصيل المحددة: القضاء على الفساد, واسترداد الاموال ومعالجة كل مشكلات هذا البلد. اننا نصفق لعلنا نصحو في يوم لنكتشف أن التغيير قد حصل. ننتظر أن تقوم قيامة الفاسدين لنتفرغ لعمل اخر كبير وهو الخروج من أزمة سياسية معقدة جدا. شخصيا أنا أجد الذين يفكرون طوال الوقت بلحظة مهمة تصبح فيها السياسة مجرد عمل كأي عمل اخر. أصحو صباحا لأرى الوزير الفلاني يعبر الشارع النظيف معي, ويجلس في اماكن عامة, ويغادر السلطة بلا امتيازات تجعله ثريا متبطرا. ينتظر العراقيون جميعا هذا التغيير الحقيقي الذي انتظروه طويلا, وما زالوا ينتظرونه. نحن نبحث في اي تغيير صغير عن صورة التغيير الكبير الذي يشعرنا بأننا مواطنون حقا.