زهير الجبوري
كلما جلست في مقهى من مقاهي مدينتي، اكتشف ثمّة أناسا يمتلكون القدرة على التحليل والكلام المنطقي، الذي يخص مصير البلد والأزمات المتوالية عليه، ومع فارق المستويات في التفكير والتحليل والتحصيل الدراسي لكل واحد منهم
ألمس أنَّ جميع الآراء مشحونة بدافع إنساني وخطاب محب للصالح العام، بل يمكن تصنيف البعض منهم بأنهم أفضل بكثير من الذين يتمنطقون في الفضائيات من دون فائدة كبيرة، (مع احترامي للبعض القليل اصحاب الحرفة الإعلامية)، ربما هناك عوامل لظهور هؤلاء وهم يتحدثون عن مصير البلد بطريقة أحادية التفكير، واعتقد أن أرضيتهم تابعة لجهة (حزبية) معينة، وهذه هي الطامة الكبرى، فالعراق أكبر من كل التحزبات والجهات الخاصة بفكر معين.
وما يدور من حوار في حقيقة الأمر ينطوي على وجهات نظر نابعة من صميم قناعاتهم الشفاهية، تلك التي تطرح من دون تكلّف أو حذر، لأنها في مكان عام يصهر فيه الكلام ثم يذهب إلى لا جدوى، لكنه في صميم معناه يمثل الخطاب العميق الناتج من قناعات المجتمع العراقي، وفي حديث دار بيني وبين رجل كان ضابطا مجندا إبان العقد الثمانيني، ثم موظفا في إحدى دوائر الدولة، ثم متقاعدا في السنوات الأخيرة وبراتب مقداره (600 ألف دينار) وأكثر بقليل، ومع معاناته للحياة الاقتصادية كونه يعاني من مرض عضوي وعنده بنتان في الجامعة وسكنه مستأجرا، هذا يعني أنَّ المبلغ لا يكفيه لنهاية الشهر، فوجئت برجل آخر يجلس قبالتنا (وهومتقاعد ايضا وبراتب أقل)، حين شاركنا الحديث أعطى خطة اقتصادية لو طبقت لتخلصنا من كلّ العواقب التي يمرّ بها البلد، هذه العقول العراقية التي تحب أرضها وناسها، كمْ هناك من أمثالها، وكمْ هي طرق التخلص من الأزمات التي يطرحها المجتمع من دون الأخذ بها، وكمْ انتفاضة نحتاج حتى نجد بصيص أملْ في الأفق؟.
أعتقد أن المسألة لا تحتاج لتحليل أكثر من الذي يتحدثه أبناء هذا البلد العريق بتاريخه وناسه سوى المكاشفة العلنية، التي من خلالها نكشف الأوراق ونشخص الخلل اينما وجد..
أوجاع كبيرة تضمها الأماكن المفتوحة (المقاهي)، وأحاديث تلامس الألم لطبقة معينة من المجتمع العراقي، وهناك الكثير من المواضيع التي تمس طبقات المجتمع من دون الوصول إلى حل، لذا ننتظر القدرة الإلهية كي تخلصنا من جحيم الأزمات ونتائجها المروعة.