اللعبة الخطرة

آراء 2023/04/25
...

رزاق عداي


 من الخطأ تغير سعر العملة عن طريق قرارات حكومية مركزية، التي قد تحدوها أو تتقدمها نزعة سياسية أو أهداف نسبية قد تكون حزبية أو انتخابية، فالعملة لم تعد الخازنة الرمزية للقيمة الاقتصادية فقط، وفقاً للنظريات الاقتصادية الكلاسيكية، فمفوم الرأسمال المالي تطور كثيرا في الأزمنة الحديثة، وباتت هناك سوق مالية نقدية مستقلة عن النشاط المادي السلعي، كبورصات وأسهم وسندات ومضاربات اخرى، فطروحات الاقتصادي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل (ملتون فريدمان) زعيم مدرسة شيكاغو للاقتصاد، التي فككت أزمة مطلع السبعينات النقدية، التي تعرض لها الاقتصاد الراسمالي برمته، مغيرة مجمل المفاهيم ومزحزحة المصطلحات، ومنها مفهوم النقد الذي بات يحوز على قدر من الاستقلال والكيان الذاتي بعيدا عن النشاط الانتاجي، واصبح هو الآخر يخضع إلى تفاعل العرض والطلب في أسواقه الذي ينتج في نهاية المطاف عن سعر واحد لقيمة العملة مقاساً بسعر قياسي، اما في الاقتصادات ذات الملامح المشوهة والمتداخلة بين مركزية القرارات الاقتصادية بصدد تغير سعر العملة من ناحية، وتفاعل السوق من ناحية اخرى، فالبضرورة سيكون هناك اكثر من سعر واحد للعملة، وهذا هو ما حاصل في الاقتصاد العراقي اليوم، فخلال اقل من سنتين أقدمت الحكومات العراقية على اجراء تغيرات في سعر العملة العراقية نزولا وصعودا، ما ادى إلى حدوث تذبذبات في الاسعار، وتشكل سعر حكومي مركزي تعمل بموجبه مؤسسات الدولة، وسعر آخر موازٍ ناجم عن تفاعل تفرزه السوق، وكل هذه الظواهر من شأنها ان تخلق اضطرابا في النشاط الاقتصادي وشللا استثماريا في جميع العمليات الاقتصادية، ناهيك عن فقدان الثقة بالعملة المحلية من قبل الاستثمار الاجنبي، لقد كانت أغلب الازمات الاقتصادية في القرن العشرين ذات جوهر نقدي انطلاقاً في ما اطلق عليه - الازمة الكبرى - في عموم العالم في عام 1929 والتي امتدت لثلاث سنوات، وتتابعت بعد ذلك الازمات النقدية بين تضخم تارة وركود حيناً، حتى حدث الطامة الكبرى الاخرى في سنوات السبعينات كما اسلفت، فكانت ذات طبيعة مركبة جمعت بين الركود والتخم في آن واحد، وفي ظاهرة غير مسبوقة، وقد شكلت تكرار حدوث الازمات المالية في الدول المختلفة خلال حقبة التسعينات من القرن العشرين ظاهرة مثيرة للقلق والاهتمام،، وذلك نظراً لما صاحبها من آثار سلبية حادة وخطيرة هددت الاستقرار الاقتصادي والسياسي للدول المعنية، هذا بالاضافة إلى عدوى تلك الازمات، التي امتدت لتشمل دولاً أخرى، وذلك كنتيجة للانتفاع الاقتصادي والمالي التي تشهده تلك الدول في ظل ظاهرة العولمة، وما ينتج عنها من تزايد في أوجه الترابط والتشابك وعلاقات التأثر والتأثير، خصوصاً في مجال النشاط النقدي المتبادل بين بلدان العالم 

كافة.