العرب والحلول المؤجلة

قضايا عربية ودولية 2023/04/25
...

علي حسن الفواز

المشكلات العربيَّة العربية بين شدٍّ وجذب، فما أن يلوح في الأفقِ حلٌ ما، تصعد مشكلةٌ أخرى، وصراعٌ آخر، وكأننا محكومون بلعنة "سيزيف" الذي يحمل صخرته إلى ما لا نهاية. 

قد يكون هذا التوصيف خارجياً، لكنه في الداخل مفتوح على أسباب "خفية أو مخفية" تلعب الدور المُحرّك في صناعة تلك المشكلات والأزمات، وتضع الجميع أمام واقعٍ معقد، وإرادات أكثر التباساً وضعفاً، وعلى نحوٍ يجعل المعالجات العربية العربية أكثر هشاشة من أن تواجه تداعيات تلك الأزمات دون اللجوء إلى "الآخر" الدولي لكي يضع حلوله السردية على الطاولة، وأحياناً يجبر الأطراف على القبول بأنصافها أو بأرباعها. 

صراعات مفتوحة، وأخرى مغلقة، لكن معالجة طابعها الأزموي تظل مؤجلة، لحسابات قادمة، وربما لزمن سياسي أو أمني يجعل من المحاربين المنهكين أكثر استعداداً للرضا بما ينالهم من حصص الأنصاف والأرباع، وعلى نحوٍ يجعلنا بحاجة إلى مراجعة حقيقية لأعمال مؤسساتنا العربية، بدءاً من مؤسسة القمة وجامعتها العتيدة، وليس انتهاءً بالمؤسسات النقابية، التي لا يمكنها الخروج عن "التغطية السياسية" رغم وجود بعض الأصوات الثقافية والنقابية والأكاديمية، التي تطالب باستعادة رومانسية لـ"المجد العربي"، لكن من زوايا لا حول لنا فيها ولا قوة، لاسيما مؤسسات الثقافة التي تعاني من أعراض مرض "بحة الصوت" بحكم ضخامة الصوت الشعري، ومن أعراض الغموض بحكم أمراض ما بعد البنيوية وعدوى النيوليبرالية. 

المراجعة السياسية والثقافية العربية ليست عيباً، ولا نبغي لها أن تكون جزءاً من ردود الفعل، بل ما نفترضه لها، هو الوقوف عند الأولويات السياسية، لاسيما ما يتعلّق بالقضايا الفلسطينية والسورية واليمنية والليبية، وآخرها السودانية، وباتجاه أن يكون الحضور العربي في "الحوارات" حولها، وفيها حقيقياً، وليس شبيهاً بأدوار السنيد كما في السينما.  كما أنَّ الحديث عن الأولويات الاقتصادية والثقافية ليس بعيداً عن الحاجة، لاسيما ما يتعلق ببرامج التعاون الاقتصادي العربي، وإيجاد الأسواق المشتركة والتنميات المشتركة، وصولاً إلى حديث إيجاد "المجال العمومي" للثقافة العربية، عبر تأمين حريات الحوار، والجدل والمشاركة، وبما يُتيح لها أن تكون عنصر ضغط، ومنصة لصياغة أسئلة جديدة، على مستوى تيسير فرص حقيقية للشراكة في تنمية "الصناعات الثقافية" و"البرامج التعليمية"، بعيداً عن التوظيف السياسي والإيديولوجي والطائفي، وصناعاته المعقدة التي ما زال البعض يمارسها دون استحياء أو خجل.