9 نيسان.. حدثٌ مفصليٌّ تاريخيٌّ يفنّد تشويهات المتضررين

آراء 2023/04/26
...

 عبد الحليم الرهيمي

 بحلول الذكرى العشرين للحدث المفصلي في تاريخ العراق الحديث 9 نيسان 2003 لم يعبر غالبية العراقيين بهذه المناسبة – الذكرى عن الابتهاج والترحيب اللذين استقبلا به هذا الحدث في يومه وعامه الاول، وذلك لتبدد الآمال والوعود التي انتعشت آنذاك بحصول هذا الحدث، بسبب سيطرة جماعات سياسية عاجزة وغير مؤهلة أثبتت فشلها في تصدر المشهد السياسي بعد هذا التاريخ وخلال العقدين المنصرمين.

لكن، ورغم الاهمية التاريخية لهذا الحدث المفصلي في تاريخ العراق الحديث والمعاصر، الذي أنهى الحكم الدكتاتوري الذي كان جائما على صدور العراقيين، فان جوقة المتضررين من هذا الحدث التغيري الواعد، قد عارضت وادانت هذا الحدث حيث كان ذلك يعني معاداة العراق وشعبه والتعبير عن رغبتهم بإبقائه متسلطاً على العراقيين، وإذ ناصبت هذا التغيير منذ البدء والعداء فقد واصلت هذا العداء بعناد في السنوات التالية، الذي زاد المتضررين من هذا الحدث ودلالاته الكبيرة المهمة من وتيرة عدائهم وتعمدهم تشويه حقيقته وأهدافه طيلة السنوات الماضية، ومن ثم مواصلة ذلك الموقف خلال هذه الذكرى بوتيرة هيستيرية نافرة و الترويج البائس لعودة نظام القتل والارهاب والحروب العبثية إلى السلطة من جديد بأحلام هي، في الواقع، أحلام عصافير، متناسيه كمثال ما عبر عنه المواطن (ابو تحسين) عن غالبية المواطنين بابتهاجه برفع صورة الطاغية المقبور وهو يضربه بحذائه.

المتضررون في الداخل هم من انصار ومؤيدي النظام الدكتاتوري السابق، الذي تحسروا على ضياع مصالحهم وامتيازاتهم، اما الإقليميون من الدول والأفراد، الذي دعموا وساندوا ذلك النظام وطغيانه وقمعه للشعب العراقي مقابل عطاءات سخية، كان يرشيهم بها الدكتاتور قد خسروا بعد اطاحته تلك المصالح.

وتمثل فرنسا الشيراكية وروسيا البوتينية، والصين الدول الرئيسية التي تضررت من اطاحة نظام الطاغية لضياع مصالحها ومكاسبها واستثماراتها في العراق وأسواقه، وبالطبع حرمان الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك من سهراته مع الطاغية على (السمك المسكوف) بشواطئ بحيراته وتعظيم علاقات فرنسا الاستثمارية والاقتصادية في العراق، وذلك مثلما كانت تسعى وتحلم كل من روسيا والصين في استغلال نظام الطاغية باكبر عمليات الاستغلال وتحقيق المكاسب العظمى ودعمها للنظام السابق ورئيسه في اضطهاد وقمع الشعب العراقي.

كانت الذرائع التي يطلقها المتضررون هي ذرائع واهية وتافهة في آن واحد.

فهي إذ تعتبر عملية التغيير في 9 نيسان هي عملية غزو واحتلال أميركي غربي للعراق لسرقة خيراته ونفطه، وإن إدعاء الولايات المتحدة محاربة النظام لامتلاكه أسلحة دمار شامل هي (كذبة) ولا مبرر لها سوى مبرر تدمير العراق وشعبه، فإن الحدث التاريخي في 9 نيسان قد بدد وسخف تلك الاقاويل و التشويهات.

فالتدخل العسكري لإطاحة النظام لم يكن غزواً ضد ارادة الشعب العراقي.. إنما كان دعماً ومساندة له سبقه مناشدات المعارضة العراقية آنذاك للولايات المتحدة وبريطانيه لمساعدة الشعب العراقي، وقد تمكنت المعارضة من دفع الولايات المتحدة إلى اصدار الكونغرس (قانون تحرير العراق) عام 1998، الذي نفذته واشنطن بظرف مناسب بعد خمس سنوات بتدخلها العسكري، ولم يكن البحث عن اسلحة الدمار الشامل ربما ذريعة لإقناع الشعب الاميركي بالحرب.

أما اعتبار التدخل احتلالاً فهو لم يكن مقرراً كذلك إنما طالبت واشنطن مجلس الامن اصدار قرار يعتبر وجودها احتلالاً، فلكي تتمكن من ضبط الاوضاع الأمنية التي فلتت وتدهورت.

أما ذريعة (كذبة) أسلحة الدمار فهي صحت أم لا، فإن النظام امتلك السلاح الكيمياوي، الذي اكد امتلاكه وهو الذي ضرب فيه مدينة حلبجة وراح ضحية ذلك اكثر من خمسة الاف عراقي كردي، وليس من شك أن النظام طور هذا السلاح والاسلحة الاخرى في السنوات التالية، وإن كان ينفي ذلك.

إن الأهداف والتطلعات التي حملتها عملية التحرير والتغيير في 9 نيسان ودلالاتها، قد فندت وبددت كل التشويهات والعداء لهذه العملية وللشعب العراقي، التي كانت آنذاك السبيل الوحيد لخلاصه من النظام السابق، بعد أن فشلت كل السبل الاخرى.