أ.د. إحسان عمر الحديثي
إنّ توجّه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق نحو تطوير مؤسساتها الجامعية، عن طريق تطبيق عملية بولونيا في التدريس يُعدّ من الخطوات المهمة، ولكن قبل تطبيق هذا النظام عملية بولونيا علينا أن نضع أمامنا أسئلة متعددة، تمثل الإجابة عنها ضرورة لتجاوز الكثير من الإشكاليات، التي يمكن أن تعترض هذه العملية عند الشروع بتطبيقها ومنها:
1 -لماذا عملية بولونيا دون غيرها من الأنظمة؟ وما الذي دفع العراق إلى اعتمادها؟.
2 - ما المرجعية القانونية اللازمة لتنفيذ هذه العملية؟.
3 - هل تتوافر في جامعاتنا المختلفة البنى التحتية العلمية والصناعية اللازمة لتطبيقها؟.
4 - ما توجهات سوق العمل الوطنية؟.
5 - ما المؤشرات القائمة على متطلبات قطاعية شاملة ومتكاملة في هذه العملية أو في غيرها من العمليات والانظمة التعليمية؟ فالمؤشرات هي من تقود عمل الوزارة وتوجّه مواردها البشرية،فطبيعة العمل تفرض على الدولة تحديد المؤشرات الوطنية على أن ترتبط بمؤشرات
دولية.
6 - ما المهارات التي تم تحديدها وأدوات تطبيقها؟ بمعنى اخر ماذا ستضيف عملية بولونيا إلى تعليمنا الحالي، هل سيُمَكّن طلابنا من الحصول على مهارات تجعلهم مستقبلا يحصلون على وظيفة في دولة من دول الاتحاد الأوربي أو غيرها من الدول، لأنّ نجاح طلابنا في الحصول على وظيفة ما، يُعد أحد أهم المؤشرات التي عن طريقها يتم الحكم على نجاح عملية بولونيا أو فشلها.
7 - هل المناهج الدراسية في الجامعات موائمة للمناهج الدراسية في الجامعات التي تدرّس على وفق عملية بولونيا؟ بالتأكيد تتطلب هذه العملية تغيير المناهج، ولكن قبل ذلك علينا تحديد مخرجات كل كلية وفلسفتها وأهدافها، ليسهل بعد ذلك تطبيقها أو تطبيق أي نظام تسعى الوزارة إلى اعتماده.
8 - ما الإطار الزمني المحدد للانتقال وما أسس ضمان الجودة الجديدة؟.
9 - ما معايير التقييم والترخيص والاعتماد المبنية على التوجه نحو عملية بولونيا؟.
وعليه اقترح الآتي:
1 - على وزارة التعليم العالي استكمال جوانب نجاح عملية بولونيا كلها، فمسار الوحدات الذي تسعى إلى تطبيقه يهدف بالاساس إلى جعل أنظمة التعليم الوطنية أكثر قابلية للمقارنة دوليا ويساعد في جعل المستندات الأخرى، مثل الشهادات أوضح وأسهل في الاستخدام في بلدان مختلفة ولكنه لن يؤثر في اساليب التعليم في الجامعات، بالرغم من أن نظام المقررات (وهو نظام خارج عملية بولونيا)، يعتمد على الوحدات في تحديد عِبْء الطالب وأهمية المقرر. وهناك عدد من المُعضلات التي لا بد أن تواجه تطبيق هذه العملية، لذا تتوجب الاستعانة بالخبرات الدولية، التي من شأنها رفد هذا المشروع بكل ما من شأنه أن يذلّل عقبات تطبيقه مستقبلا ويحقق الأهداف
المرجوة.
2 - السعي لتحقيق استقلال الجامعات فهي من تقرر سياساتها التعليمية واختيار نظامها التعليمي فهو اساس بناء فلسفة كل كلية فيها من جهة، ومعيار تقدم هذه الجامعة وتفوقها عن غيرها من الجامعات من جهة اخرى.
3 - العمل على تحقيق المواءمة بين التعليم العالي والتعليم قبل الجامعي.
4 - البدء بتطبيق عملية بولونيا على التعليم الاهلي في الجامعات الأهلية لأنها الأكثر حاجة إلى التطوير والرصانة العلمية منه إلى التعليم الحكومي.
5 - عمل ورش عمل علمية في الجامعات العراقية من أجل ان يستند التطبيق إلى قراءة واقعية للبنى التحتية في الجامعات بما فيها تأهيل الموارد البشرية.
أخيرا.. إن ثمة حاجة إلى بذل جهود أكثر جرأة كفيلة بتحقيق قفزات في إنجاز الأهداف العالمية المحددة للتعليم العالي والبحث العلمي، والبحث عن بدائل وحلول للكثير من المشكلات والتحديات، التي تحول دون الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة وتحقيقها.